
يتسابق المسؤولون العموميون والناشطون في مجال الإقتصاد والتجارة أيهم سينال الرضى والقبول وأيهم سيكون له السبق والدور الأكبر في مجهود إنجاح زيارة الرئيس أو رئيس الوزراء لهذه المنطقة من البلاد أو تلك......فكيف تكون الزيارة "ناجحة"؟ وكيف يكون لهؤلاء أدوار في جعل الزيارة "ناجحة" ؟ وماهي معايير الفشل والنجاح ؟
لو كان نجاح الزيارة يعني حشد الجموع وتعبئة الناس وملأ الساحات بالصور الملونة فقد نجحت كل الزيارات من قبل وقد نجح كل الذين سبقوا من رؤسائنا ورؤساء حكوماتنا ولا واحدة من زيارة لأحدهم فشلت بالماضي ولن تفشل أخرى لأي قادم في المستقبل فالجميع يعرف المسالك والجميع يعرف جيدا كيف يأخذ طريق هذا الشكل من "النجاح" ويعرف أكثر كيف يصل إليه فتطويع الجموع رياضة سلسلة خبرها الجميع ونجح فيها الجميع وقد يكون الترويض السريع للناس من أسباب فشلهم الجماعي وأسباب التخلف المطلق للدولة.....فمتى تكون الزيارة ناجحة ؟
تكون الزيارة ناجحة حين تقرب صاحبها من تحقيق أهدافه المعلن عنها والأهداف تختلف حسب طبيعة الزيارة وتوقيتها والسلطة لا تحكم إلا بوسيط والوسيط في "الديمقراطيات" يكون من خلال الأحزاب السياسية ويكون بالنسبة للحاكم من خلال حزبه أو مجموعة الأحزاب الداعمة لمشروعه.
فقد تكون الزيارة زيارة عمل يأتي رئيس الجمهورية ليتفقد بنفسه تقدم الأعمال في مشروع بنية تحتية فإن جد القائمون على المشروع وحرصوا على احترام الآجال والمواصفات الفنية يكونون قد ساهموا في انجاح الزيارة ويكونون قد نصحوا الزائر وخدموا المواطن فينالون رضى السلطة ويفوزون برضى الناس...ويكفيهم ما فعلوا ولا حاجة لتعبئة من أحد ولا لحشد
وإن كانت الزيارة تأتي لوضع حجر أساس لمشروع عمومي فلا حديث عن نجاح ولا حديث عن فشل ولا تستدعي الزيارة جهدا من أحد غير الذين سيقومون بتنفيذ المشروع أو المسؤولون الإداريون في الدائرة المزورة فهم وحدهم من عليهم تنظيم الاستقبال وهم وحدهم من عليهم المشاركة فيه......
وقد تكون الزيارة بمناسبة حملة انتخابية رئاسية أو نيابية فيكون العبء الأساس على الحزب الحاكم وأغلبيته فتكون التعبئة الشعبية للحشد هي العنوان الأبرز للنجاح وتكون مشاركة المنخرطين فيها أمرا مفهوما ومقبولا....
أما أن ينفر الناس خفافا وثقالا يجوبون البلاد طولا وعرضا يسبقون موكب الرئيس لأماكن قصية لا يسكنون فيها ولا يعملون بها فينفقون بسخاء لترويج صورهم وأدوار يدعونها والتذكير بوظائفهم وعشائرهم وقبائلهم فتلك شنشنة ألفناها من أخزم ولو كانت تعني نجاحا لكانت البلاد في أحسن حال منذ أمد طويل ولكان المواطن في عيش رغيد لا يشكو مرضا ولا جهلا ولا جوعا وقد آن الأوان للقطيعة معها فلا هي أنتجت في الماضي غير تراكم الفشل ولا هي ستنتج في المستقبل إلا الأسوأ.......
من أولى الأوليات اليوم وقبل كل شيء أن تقوم السلطة بمجهود كبير نحو ترسيخ مفهوم الدولة في ذهن المواطن فلم يعد لهذا المفهوم وجود يستوي في ذلك من يعلم منا ومن لا يعلم بل أصبح المثقف الواعي يهزأ منه ويعتبر التذكير به مضيعة للوقت ومضلة للطريق ........وأول خطوات تخطوها السلطة في هذا الطريق أن لا تكون الكرنفالات والصور والشعارات ومواكب سيارات الدفع الرباعي ونصب الخيام والولائم الفاخرة عناوين تقرب إليها ولا صكوكا تمنح أصحابها مأمنا من المساءلة....