
تعد رواية "في حديقة الشاي"، الصادرة عن دار العين للنشر في مصر عام 2023، العمل الأخير الذي كتبه طبيب الأنف والأذن والحنجرة والأديب بدوي خليفة قبيل رحيله في شهر فبراير/شباط من العام نفسه.
تمزج الرواية بين الواقعية التأريخية والأسطورة الاجتماعية، إذ تلاحق أحداثا غيرت الخريطة المصرية بل وحتى العربية في القرن الماضي، بداية من انهيار الملكية عام 1952 على يد الضباط الأحرار وانتقال الحكم إلى الجمهوريين، مرورا بنكسة يونيو/حزيران عام 1967، وحرب الاستنزاف، وعبور قناة السويس، وصولا إلى تولي السادات سدة الحكم، ثم اتفاقية كامب ديفيد التي قادت إلى اغتياله.
وبذلك تكون الرواية قد غطت ما يقارب 3 عقود غيرت وأطاحت ورفعت وخفضت، ظلمت واستباحت، نصرت وانتصرت، نجحت وأخفقت. إنها مرحلة سياسية، أو مراحل دقيقة، لها ما لها وعليها ما عليها.
لم تكن هذه الأحداث في رواية "في حديقة الشاي" مجرد مدونة تأريخية أو استعراضا صحفيا رتيبا لما جرى، بل جاءت وثيقة إنسانية تظهر كيف غيرت تلك الأحداث مصائر حيوات كثيرة، بغض النظر عن مكانتها الاجتماعية والثقافية، أو حتى قربها أو حياديتها من السياسة.
القصة مروية على لسان 3 شخصيات رئيسة في العمل، والتي بنيت عليها الرواية بشكل كامل. لذلك استعمل الكاتب أسلوب الراوي الأول مبتعدا عن الراوي العليم، وكان هذا الاختيار موفقا إذ أعطى بعدا حميميا ومصداقية إنسانية روائية لكل شخصية.
الشخصية الأولى التي تفتح لنا ذراعيها في الرواية هي مراد عز الدين، ابن الباشوات الذين عاشوا ترفا رفيعا في فترة حكم الملك فاروق. شخصية مراد ووالدته تعكسان التغير السلبي الكبير الذي عانت منه شريحة غير بسيطة من المصريين بعد عام 1952، لتشكل هذه العائلة الشخصية الناقمة على جمال عبد الناصر وحكمه.
