ال: 410 مليار… هل هو كل شيء؟ أم أن الفساد أعمق من مجرد رقم؟ /محمدالامين لحبيب

اثنين, 27/10/2025 - 13:19

كأننا أمام مسرحية يعرف الجميع نهايتها قبل أن تبدأ،410 مليار أوقية جديدة، هذا هو الرقم الصادم الذي كشفت عنه تقارير محكمة الحسابات، أموال اختفت من وزارات ومؤسسات عمومية في وضح النهار، دون أن تهتز أركان الدولة، أو يُفتح تحقيق جدي، أو تُسمّى الأمور بمسمياتها: نهب منظم تحت رعاية الصمت الرسمي،مفتشية الدولة كأنها شطبت فى احد حوارات سيزيف.
لكن الحقيقة الأشد مرارة أن هذا الرقم–رغم ضخامته–ليس الرقم الحقيقي لما نُهب ،حسب المؤشرات، بل هو فقط ما استطاعت المحكمة الوصول إليه، أو ما تم السماح لها بكشفه،وما خفي كان دائمًا أعظم.
كباش فداء… لا فاسدين حقيقيين
تم جرّ حوالي 30 مسؤولا سابقا إلى الضوء، وقدّمتهم السلطة كـ"فاسدين"، لتقول للناس: "نحارب الفساد". 
لكن الواقع أن هؤلاء ليسوا إلا كباش فداء، حُمّلوا وحدهم عبء منظومة كاملة، ممنهجة، متشابكة، يعمل فيها المفسدون الحقيقيون في الظل، بعيدا عن المحاسبة، أو حتى الذكر في التقارير.
ولكن ما يفرح كباش الفداء هو ان الملف سيتبخر كما تبخر ملف المخدرات والادوية المزورة،عندما وصل الرؤوس الكبيرة،وسينسى الناس كما نسوا تقرير محكمة الحسابات نفسها 2021/2022 .
- ملف المخدرات: أين البارونات؟ من الذي يحميهم؟ لماذا اختفى التحقيق فجأة عندما وصل البارونات؟ 
- الأدوية المزورة: من المستورد الحقيقي؟ من يملك المستودعات بارونات الادوية المزورة او العمال؟ لماذا وئد الملف حين اقترب من الكبار؟ 
- واليوم، نحن أمام ملف اختلاس أموال عامة، لا يختلف عن سابقيه إلا في حجم الرقم وتوقيت الإخراج.
النهب ممنهج… والصمت مريب
- كيف تنهب 410 مليار دون أن يشعر بها أي نظام رقابة داخلي؟
- أين كانت لجان التفتيش الداخلية ومفتشية الدولة طيلة هذه السنوات؟ 
- أين هي النيابة العامة؟ ولماذا لا تتحرك تلقائيا؟ 
- لماذا لا يمنع المتهمون من السفر؟ ولماذا لا تجمد أموالهم؟ 
الجواب بسيط وموجع: لأن الفساد محمي من من مواقع متقدمة، ويدار بمنطق التحاصص السياسي، لا بمنطق دولة المؤسسات.
سياسة إلهاء الشعب… والملف يطوى فى خلسة وبهدوء:
عودتنا ادارتنا في كل مرة يكشف ملف كبير، يتم فتحه فجأة، تشتعل وسائل التواصل، يتحدث الناس، يعتقل البعض مؤقتا، ثم يقبر الملف بهدوء حين تضعف الضجة. 
ويعود كل شيء إلى ما كان عليه… بل أسوأ.
ويدرك الجميع ان ال:410 مليار ليست سوى رأس جبل الجليد.
المفسدون الحقيقيون لا ترد أسماؤهم في المحاكم، ولا تظهر صورهم في الإعلام، لأنهم فوق الشبهات، وفوق القانون، وفوق الشعب.
والسؤال الحقيقي لم يعد: "من سرق؟
بل: إلى متى سندار بهذه الطريقة يتم اختلاس النال العام ويتم التستر عليه او الاحتيال ،اوتقديم كباش فداء حين يلزم الأمر؟