"مدعومون من وزير الداخلية" وشخصيات في السلطة ... صراع "الإخوان" واليساريين" ضد المجموعات السياسية الأخرى على النفوذ والامتيازات في موريتانيا

أربعاء, 13/09/2023 - 15:08

نواكشوط(وكالة السواحل للأنباء) يقول مراقبون للمشهد السياسي الموريتاني إن "التمكين للإخوان المسلمين واليساريين في موريتانيا يتم بدعم من شخصيات نافذة مقربة من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وعلى رأسها وزير الداخلية السيد محمد أحمد ولد محمد الأمين، وبعض الشخصيات الأخرى المتموقعة في مراكز هامة في السلطة"

ويعتقد هؤلاء المراقبين أن الاتهامات التي وجهها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لوزير الداخلية بأن مقر إقامته "كان ملاذا للإخوان حين كان سفيرا لموريتانيا في تركيا، حيث كانوا يتخذون من مقر إقامته استراحة لهم في طريقهم من وإلى قطر" هي اتهامات "ليست جزافية" وأنه بالفعل "يحظى بعلاقات قوية مع تنظيم الإخوان في موريتانيا وخارجه"، مما جعل قيادات الإخوان سواء في "تيار راشدون" الذي دعم الرئيس الغزواني في الانتخابات الرئاسية أو من قيادات حزب (تواصل) السابقين، أو من الإخوان "المستقلين"، جعلها تجد حظوة خاصة في عهد الرئيس الغزواني لم تحظ بها "الجماعة" منذ عهد الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيداله.

هذه الحظوة مكنت، وفق المراقبين، من تعيين شخصيات إخوانية ويسارية مهمة في رئاسة الجمهورية وفي مراكز حساسة ومهمة أخرى، كما تم خلق (ائتلاف) بين الإخوان واليساريين على المستوى الإعلامي أسفر عن تسليم إعلاميي هذا التحالف أبرز وأهم الأجهزة الإعلامية في الدولة، بقطاعيه العام والخاص، بل واحتكار الامتيازات المعنوية والمادية لهذا الائتلاف منذ أن كان الوزير محمد أحمد مديرا لديوان رئيس الجمهورية ويتواصل هذا الدعم والاحتضان حتى الآن، وفق المراقبين.

تساؤلات حول وثيقة التكتل واتحاد قوى التقدم

ويرى مراقبون للساحة السياسية الوطنية أن الاتفاق الذي أسفر عن "وثيقة" باسم حزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم يدخل في سياق "بعث الحياة ونفخ الروح في حزبين سياسيين مصنفين من أحزاب الائتلاف المذكور كان مصيرهما الحل بعد فشلهما في الحصول على نسبة 1 % من أصوات الناخبين في الانتخابات الأخيرة، حيث بادر الوزير محمد أحمد لانتشال الحزبين من مصير قانوني محتوم هو "الحل" إلى "قيادة مبادرة مع "الحزب الحاكم" ليصبحا أصحاب مبادرة لتحسين صورة الديمقراطية في البلاد بعد الاتهامات التي وُجهت للحكومة بتزوير الانتخابات، حيث سيصبح من اللازم على مختلف التشكيلات السياسية الأخرى الدخول في المسار الجديد الذي يقوده حزبان كانا في طريقها للحل، لينقذها هذا الاتفاق ويتصدرا المشهد السياسي من جديد".

وعلى عكس ذلك يقول مقربون من السلطة بأن محاولة إنقاذ حزبي "التكتل" و"تقدم" من الحل تدخل ضمن سياسات "أخلقة المشهد السياسي" حيث يوصف نظام الرئيس الغزواني بأنه "نظام الأخلاق والأخلقة في كل المجالات"، لذلك يعتقدون أن هذه المبادرة تدخل في إطار "رد الاعتبار لأبرز حزبيين سياسيين ناضلا على مدى سنوات طويلة من أجل إرساء أسس ديمقراطية سليمة في بلادنا" لذلك يستحقان الاستثناء من الحل.

وفي ذات السياق يرى آخرون أن هذه الوثيقة تدخل في صميم التمكين لجماعة "الائتلاف غير المعلن" بين "وزير الداخلية وجماعة الإخوان واليساريين الفرانكفونيين" والذي يستهدف "الحد من تأثير التشكيلات السياسية والإيديولوجية الأخرى مثل أحزاب المعارضة الجديدة الصاعدة والتيارات القومية العربية والإفريقية الوطنية (الناصريين والبعثيين واللجان الثورية والقوميين الأفارقة وخاصة "افلام") سواء في المناصب الحساسة أو في المشهد السياسي والإعلامي.

ويرجح هؤلاء أن حزب الإخوان المسلمين في موريتانيا (تواصل) "يسير في اتجاه تزكية الوثيقة المذكورة باعتبارها تخدم الائتلاف المذكور"، ومن غير المستبعد أن تطرح على طاولة الحوار وبقوة زيادة مأمورية رئيس الجمهورية من خمس سنوات إلى سبع سنوات أو ستة على الأقل، مقابل إعادة الانتخابات النيابية والبلدية بشكل أساسي وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة صيف 2024.

الحرج من "أخونة" المشهد

قد لا تجد بعض الدول الشقيقة "ذات المصالح الإستراتيجية المشتركة مع موريتانيا" حرجا في التمكين لأي طيف سياسي أو إيديولوجي في موريتانيا باستثناء تنظيم "الإخوان المسلمون" الذي تصنفه تلك الدول الشقيقة على أنه "تنظيم إرهابي" مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة وغيرها، خاصة وأن هذه الدول الشقيقة بدأت تتحرج من دعم النظام على النحو الذي كان منتظرا منها حيث تراجع مستوى "السخاء" و"الدعم" قياسا بما كان متوقعا مع بداية مأمورية "رئيس الجميع"، ومقارنة بما تقدمه هذه الدول من دعم لبعض دول الجوار وبعض الدول العربية الأخرى بل وحتى لأوكرانيا، فهل يؤثر احتضان النظام لتنظيم الإخوان مستقبلا على دعم هذه الدول الشقيقة لنظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وهل ستبحث عن شريك سياسي آخر يكون مختلفا في موقفه من تنظيم الإخوان المصنف "إرهابيا" في مصر والسعودية والإمارات؟!

لا شك أن التجاذبات السياسية ومخاض الساحة السياسية الوطنية وما ينجم عنها من تفاعلات سيجيب على مختلف الأسئلة وأولها أسباب ومبررات "إقصاء المجموعات السياسية والإيديولوجية الأخرى من المكاسب والامتيازات" و"احتضان اليساريين الفرانكفونيين والإخوان دون غيرهم" ، هذا الوضع الذي جعل المجموعات السياسية الأخرى "تتحرك" لتغيير واقعها من خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد فشلها في وجود موطئ قدم إلى جانب "الإخوان واليساريين الفرانكفونيين في عهد الرئيس الغزواني".

فهل نجح التمكين لهذا "الائتلاف" في حل أزمات البطالة وارتفاع الأسعار والحد من هجرة الشباب وتفشي الفقر والمرض وتدني خدمات الصحة والتعليم وتقديم خدمات ضرورية أساسية للمواطنين" أم أنه "باشر تبديد ثروات الوطن من خلال الإعلان عن صفقات مشبوهة ومساعدات نقدية بالمليارات للمواطنين لم يستفد منها سوى قلة قليلة منهم، وأين ذهبت المليارات المعلنة" وعشرات المشاريع التي لم تر النور؟

أسئلة كثيرة تنتظر أجوبة مقنعة ليس فقط للشركاء الخارجيين، وإنما للطيف السياسي الوطني برمته وللمواطن الحائر منذ أربع سنوات وهو ينتظر الوفاء بوعود والتزامات انتخابية أقلها "تغيير وضع المواطنين جذريا إلى الأحسن خلال عام واحد"...

أحمد مولاي امحمد 

العدد 770 من صحيفة التواصل بتاريخ 11 أغسطس 2023