وكالة السواحل للأنباء(نواكشوط): كان المزارع الفلسطيني سالم مسعود في منزله بقرية برقة في الضفة الغربية المحتلة حينما نبهه جيرانه إلى أن حظيرة منزله تحترق.
وقال مسعود إن عشرات المستوطنين اليهود أضرموا النيران في الحظيرة عصر يوم في أواخر شهر مايو أيار، مما تسبب في إلحاق أضرار بها واحتراق المئات من أكوام القش والمعدات التي يستخدمها في الزراعة.
وبعد أيام، كان جاره محمد البزاري يتابع الأخبار عندما قطع المستوطنون السياج المحيط بمنزله وحطموا نوافذه وألحقوا الأضرار بأشجار الليمون في حديقته.
وقال البزاري (44 عاما)، وهو والد لطفلين ويعمل في مزرعة دواجن في رام الله، إن "قلبه توقف" عندما شاهد هجوم المستوطنين مضيفا أنه يمكن استبدال النوافذ ويمكن نقل النباتات إلى أُصص (أوعية) جديدة، لكن خسارة روح واحدة لا يعوضها شيء.
وعبر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون مرارا عن مخاوفهم من عنف المستوطنين الذي بلغ مستويات قياسية في العام الماضي ويواصل الارتفاع منذ تولي الحكومة اليمينية التي يرأسها بنيامين نتنياهو مقاليد الحكم في يناير كانون الثاني وإسراعها في توسيع المستوطنات.
وكان من بين قراراتها تحرك في مارس آذار يسمح للمستوطنين بالعودة إلى أربع مستوطنات جرى إخلاؤها في 2005، من بينها مستوطنة حومش التي تقع على قمة تل مطل على برقة.
ويقول فلسطينيون إن التحرك يعرض الأرواح والممتلكات للخطر ويهدف لترويعهم كي يفروا من منازلهم. ويقولون إن الجنود الإسرائيليين يقفون في وضع استعداد خلال الهجمات وغالبا ما يطلقون النيران عليهم أو يلقون عليهم القنابل المسيلة للدموع عندما يحاولون صد المستوطنين.
وفي ظل تصاعد التوتر، ينتشر العنف ويواجه المستوطنون اليهود في الضفة الغربية أيضا عمليات إطلاق نيران من سيارات ويتعرضون للرشق بالحجارة من الفلسطينيين، ولقي ستة مستوطنين حتفهم هذا العام.
وقال الجيش إنه في ظل وجود مواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين في برقة، يعمل الجنود على منع العنف أو إلحاق الضرر بالممتلكات.
وتتذرع إسرائيل بروابط دينية وتاريخية وسياسية بالضفة الغربية لإنشاء المستوطنات التي تعدها أغلب الدول غير مشروعة. وأنشأت إسرائيل مستوطنة حومش أول مرة في 1978 على رقعة أرض فلسطينية ذات ملكية خاصة في منطقة استولت عليها في حرب 1967 قبل أن تجلي عشرات الأسر الإسرائيلية التي عاشت هناك في عام 2005 بموجب خطة فض اشتباك.
وقال شلومي زاكري وهو محام بمجموعة ييش دين الحقوقية الإسرائيلية التي تمثل بعض أسر برقة إنه في أعقاب الإجلاء، صار دخول الإسرائيليين للمنطقة جريمة جنائية.
وقال ناصر حجي، عضو مجلس إدارة برقة، إنه مع الإذن بالعودة، أعيد إقامة بيت متنقل (كرفان) يستخدم الآن كمدرسة دينية. وصحيح أنه لا يوجد إلا بضع عشرات من المستوطنين، فإن وجودهم قيد بشدة حركة سكان برقة البالغ عددهم 6000.
وقال حجي إن المستوطنات تحول بين السكان ومزارعهم. وأضاف أن ثلثي أراضي القرية إما صودرت أو حولت إلى منطقة عسكرية مغلقة، مما ترتب عليه آثار سلبية كبيرة على اقتصاد برقة.
وقال حجي إن التبعات تتجاوز القرية. ويقسم موقع برقه شمال الضفة الغربية عن جنوبها عند تقاطع ثلاث مدن فلسطينية كبيرة.
وقال إنه إذا توسعت مستوطنة حومش أكثر من ذلك، فهذا سيهدد بعزل أكثر من نصف مليون فلسطيني عن منازلهم وأرضهم ووظائفهم "وفرض حقائق على الأرض".
* اضطراب
قال زعيم المستوطنين يوسي دغان إن الفلسطينيين من برقة يرشقون المستوطنين والسيارات المتجهة نحو حومش بالحجارة، لكنه أضاف أن المستوطنات ستتوسع.
وقال في بيان "الإرهاب لن يردعنا. سنواصل بناء المستوطنات".
ومع استمرار التوسع، يتصاعد العنف. ورصدت الأمم المتحدة 475 حادثة متصلة بالمستوطنين وقعت فيها إصابات بين الفلسطينيين أو أضرار في ممتلكاتهم في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، وهو أعلى معدل يومي منذ عام 2006.
وفي الشهر الماضي، قال سكان برقة إن مستوطنين مسلحين كانوا برفقة جنود إسرائيليين، أطلقوا الرصاص عليهم وأحرقوا الأشجار ودمروا منازل وسيارات. وقال سكان إنهم في إحدى الحالات، حاولوا اقتحام مدرسة أثناء الفصول الدراسية.
وقالت جماعة بدو منطقة عين سامية الفلسطينية الذين يبلغ عددهم 178 شخصا في الشهر الماضي إنهم أُرغموا على مغادرة منازلهم في الضفة الغربية بسبب عنف المستوطنين.
وفي فبراير شباط، انطلق مستوطنون في بلدة حوار بالضفة الغربية في حالة اهتياج وأحرقوا سيارات ومنازل كان الناس بداخلها مما أثار إدانة عالمية. ووقع الحادث بعد مقتل شقيقين من مستوطنة قريبة برصاص مسلح فلسطيني.
وكما هو الحال في مناطق أخرى من الضفة الغربية، قال سكان برقة إنهم يعتمدون على أنفسهم في الحماية. ووضع بعضهم قضبانا معدنية على النوافذ. وشكل آخرون فرق مراقبة ليلية.
وقال أحد سكان برقة يدعى نافع صلاح وهو يكدس الحجارة على سطح منزله إنه سيواجه المستوطنين بكل ما لديه سواء حجارة أو بيديه وجسده مؤكدا رفضه المغادرة.
وقال نتنياهو الأسبوع الماضي إن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية لا تشكل عقبة أمام السلام، على الرغم من أن توسيعها كان على مدى عقود من أكثر القضايا إثارة للجدل بين إسرائيل والمجتمع الدولي والفلسطينيين الذين يقولون إن المستوطنات تقوض الآمال في قيام دولة فلسطينية قادرة على الصمود.
ونفى رئيس الوزراء الإسرائيلي في مقابلة مع سكاي نيوز أن تكون عودة المستوطنين إلى حومش انتهاكا للالتزامات التي قطعها على نفسه لإدارة بايدن.
وقال غسان دغلس، من سكان برقة ومسؤول في السلطة الفلسطينية، إن الفلسطينيين يدفعون الثمن مع زيادة المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية الذين يبلغ عددهم 700 ألف نسمة.
وأضاف أن الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون هو أنهم إذا لم يدافعوا عن أنفسهم فسيُحرقون أحياء في منازلهم.
المصدر :رويترز