٠سارة أحمد
استعرضت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، في تقرير مطول نُشِر أمس الأحد، التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، على "سلة خبز العالم".
وقالت الوكالة، إن الحرب الروسية الأوكرانية، تهدد الإمدادات الغذائية وسبل الحياة للمواطنين في أوروبا وإفريقيا وآسيا، لمن يعتمدون على الأرض الزراعية الشاسعة الخصبة في منطقة البحر الأسود، المعروفة بأنها "سلة خبز العالم".
وأشارت إلى أنه مع ارتفاع وتيرة الحرب في أوكرانيا، اضطر المزارعون الأوكرانيون إلى إهمال حقولهم، حيث يفر الملايين أو يقاتلون أو يحاولون البقاء على قيد الحياة، كما يتم إغلاق الموانئ التي ترسل القمح وغيره من المواد الغذائية الأساسية في جميع أنحاء العالم؛ لتحويلها إلى خبز ومعكرونة وعلف للحيوانات.
وأوضحت أن هناك مخاوف من أن روسيا -وهي قوة زراعية أخرى- قد توقف صادراتها من الحبوب؛ ردا على العقوبات الغربية.
وعلى الرغم من عدم حدوث اضطرابات عالمية في إمدادات القمح حتى الآن، ارتفعت الأسعار بنسبة 55% منذ أسبوع قبل الغزو، وسط مخاوف بشأن ما يمكن أن يحدث بعد ذلك.
بدوره، قال مدير مجلس الحبوب الدولي، أرنو بيتي، لـ"أسوشيتد برس": "إذا طال أمد الحرب، فقد تواجه البلدان التي تعتمد على صادرات القمح بأسعار معقولة من أوكرانيا، نقصا بدءا من يوليو".
وفي أوروبا، يستعد المسؤولون لنقص محتمل في المنتجات من أوكرانيا، وزيادة أسعار علف الماشية؛ مما قد يعني زيادة تكلفة اللحوم والألبان إذا اضطر المزارعون إلى تحميل العملاء التكاليف.
وتقوم روسيا وأوكرانيا بتصدير ما يقرب من ثلث صادرات القمح والشعير في العالم، كما تعتبر أوكرانيا أيضا موردا رئيسيا للذرة، والرائدة عالميا في زيت عباد الشمس.
وأشارت الوكالة إلى أن الصراع المطول سيكون له تأثير كبير على بعد نحو 1500 ميل (2400 كيلومتر) في مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث يعتمد الملايين على الخبز المدعوم المصنوع من الحبوب الأوكرانية للبقاء على قيد الحياة.
ومن جانبها، قالت أستاذ سلاسل التوريد واللوجستيات والاقتصاد في جامعة ماساتشوستس، آنا ناجورني، إن "القمح والذرة والزيوت والشعير والدقيق مهمة للأمن الغذائي، خاصة في الأجزاء الفقيرة من العالم"، مضيفة: "مع دعوة الرجال الأوكرانيين للقتال، من الذي سيقوم بالحصاد؟ من الذي يقوم بالنقل؟".
من جهتها، أعلنت سوريا -التي مزقتها الحرب مؤخرا- أنها ستخفض الإنفاق والحصص الغذائية الأساسية.
أما في لبنان -حيث دمر انفجار مرفأ بيروت عام 2020 صوامع الحبوب الرئيسية في البلاد- تسعى السلطات جاهدة لتعويض النقص المتوقع في القمح، حيث تستورد 60% من القمح من أوكرانيا.
ويجري المسؤولون في لبنان محادثات مع الولايات المتحدة والهند وكندا؛ لإيجاد مصادر أخرى لدولة تعاني بالفعل من الانهيار المالي.
وكان المواطنون في كينيا، يطالبون بأسعار أقل للغذاء، حتى قبل أن تهدد الحرب بالتأثير على إمدادات القمح في إفريقيا، حيث أدى التضخم إلى تآكل قدرتهم الشرائية، أما الآن، فإنهم يستعدون للأسوأ.
بدوره، قال كبير الاقتصاديين في غرفة الأعمال الزراعية بجنوب إفريقيا، وانديل سيهلوبو، إن الدول الإفريقية استوردت منتجات زراعية بقيمة 4 مليارات دولار من روسيا عام 2020، ونحو 90% من القمح التي تستورده من الخارج.
وفي نيجيريا، يعتقد أصحاب المطاحن، أن نقص إمدادات القمح من روسيا سيؤثر على أسعار منتجات مثل الخبز.
وأوضح السكرتير الوطني لجمعية مزارعي القمح في نيجيريا، جامبو سال، أن نيجيريا بذلت جهدا لتقليل اعتمادها على الحبوب الروسية، حيث يتجه المزارعون إلى زراعة المزيد من حقول القمح لمحاولة تلبية 70% من طلب البلاد في غضون 5 سنوات، مؤكدا: "لدينا الأرض والمزارعين والمال وكل ما نحتاجه في نيجيريا لزراعة القمح، الآن هو الوقت".
ومن المتوقع أن تصل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إلى إندونسيا أيضا، حيث يستخدم القمح لصنع المعكرونة سريعة التحضير والخبز والأطعمة المقلية والوجبات الخفيفة، وكانت أوكرانيا ثاني أكبر مورد للقمح لإندونيسيا العام الماضي، فكانت مصدر 26% من وارداتها من القمح.
وقال رئيس قسم الأبحاث بوزارة التجارة الإندونيسية، كاسان مهري، إن ارتفاع أسعار المعكرونة سيضر أصحاب الدخل المنخفض.
ويراقب المزارعون في الولايات المتحدة، أكبر مصدر للذرة في العالم ومورد رئيسي للقمح، الوضع، لمعرفة ما إذا كانت صادرات القمح الأمريكية سترتفع.
أما في الاتحاد الأوروبي، يشعر المزارعون بالقلق إزاء ارتفاع تكاليف علف الماشية، حيث تزود أوكرانيا الاتحاد الأوروبي بما يقل قليلا عن 60% من احتياجات الاتحاد من محصول الذرة، أما روسيا -التي تزود الاتحاد الأوروبي بـ40% من احتياجاته من الغاز الطبيعي- هي بالمثل مورد رئيسي للأسمدة والقمح والمواد الأساسية الأخرى.
أما في إسبانيا، قفز سعر الحبوب للأعلاف الحيوانية بنسبة 10% في السوق المفتوحة، بعد أول يومين من هجوم روسيا على أوكرانيا.