محللون يحللون شخصية بوتن ويخلصون الى انه اذكى من حكام الغرب

أحد, 20/02/2022 - 15:12

إلهام عبدالعزيز
تزامنا مع تصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، يرى البعض أن الأمر برمته يعود إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومدى تفكيره، حيث أعرب بعض المحللين عن الحيرة التي أصابتهم من جراء تفسير تصرفات بوتين، حسبما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
ففي موسكو، لا يزال العديد من المحللين مقتنعين بأن الرئيس الروسي عقلاني في الأساس، وأن مخاطر غزو أوكرانيا ستكون كبيرة جدا ورأوا أن حشده الضخم لقواته ليس منطقيا ويمكن اعتباره "خدعة مقنعة للغاية"، لكن البعض أيضًا ترك الباب مفتوحًا لفكرة أن "بوتين" قد تغير بشكل جذري وسط الوباء، وتحول إلى جنون العظمة وأصبح أكثر حزنًا وتهورًا.
فمنذ ما يقرب من عامين، جلس بوتين في حفرة خالية من الفيروسات على عكس أي زعيم غربي، حيث أظهر التلفزيون الحكومي أنه يعقد معظم الاجتماعات الرئيسية عبر الهاتف، بمفرده في غرفة، ويُبقي الوزراء على مسافة، ونادرًا ما يستدعيهم شخصيًا.
وأشار العديد من المحللين إلى أن غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا سيكون بمثابة تصعيد هائل مقارنة بأي من الإجراءات التي اتخذها بوتين من قبل.
وقالت أناستاسيا ليكاتشيفا، عميد الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو: "إن بدء حرب واسعة النطاق ليس في مصلحة بوتين تماما. من الصعب جدًا بالنسبة لي أن أجد أي تفسير منطقي للرغبة في القيام بمثل هذه الحملة".
وأشارت إلى أنه حتى لو تمكن بوتين من السيطرة على أوكرانيا، فإن مثل هذه الحرب ستحقق عكس ما يقول الرئيس إنه يريد دحر وجود الناتو في أوروبا الشرقية، "ففي حالة الحرب، سيكون حلفاء الناتو أكثر توحيدًا من أي وقت مضى، ومن المرجح أن ينشروا أسلحة جديدة قوية على طول الحدود الغربية لروسيا".
وتابعت: "في الداخل، كان بوتين دائمًا حريصًا على إبراز هالة رجل الدولة الرصين، والتغلب على المشاعر القومية في البرامج الحوارية خلال أوقات الذروة، وفي البرلمان الذي كان يحثه منذ سنوات على ضم المزيد من أوكرانيا".
وبينما يصور نفسه على أنه ضامن استقرار روسيا، فقد يواجه رياحًا اقتصادية معاكسة من العقوبات الغربية والاضطرابات الاجتماعية إذا كان هناك ضحايا مدنيين في ساحة المعركة، حيث إن لملايين الروس أقارب في أوكرانيا.
وفي الوقت الحالي، "يبدو أن الروس يؤيدون إلى حد كبير رواية الكرملين بأن الغرب هو المعتدي في أزمة أوكرانيا"، على حد قول دينيس فولكوف، مدير مركز ليفادا، وهو مركز استطلاعات رأي مستقل في موسكو، وأضاف أن الرسائل التحذيرية الصادرة عن واشنطن بشأن الغزو الروسي الوشيك عززت وجهة النظر هذه فقط، لأنها تجعل الغرب يبدو أنه الشخص الذي يمارس الضغط ويصعد التوترات.
وتابع أنه إذا نفذ بوتين عملية عسكرية قصيرة ومحدودة على غرار الحرب التي استمرت 5 أيام ضد جورجيا في عام 2008، فمن المتوقع أن يدعمها الروس.
وبالنظر إلى أن مثل هذه الحرب لا تزال تبدو غير واردة وغير منطقية بالنسبة للكثيرين في موسكو، يرى خبراء السياسة الخارجية الروس عمومًا أن المواجهة بشأن أوكرانيا هي أحدث مرحلة في جهود بوتين المستمرة منذ سنوات؛ لإجبار الغرب على قبول ما يعتبره مخاوف أمنية روسية أساسية.
ففي التسعينيات، وفقًا لهذا التفكير، فرض الغرب نظامًا أوروبيًا جديدًا على روسيا الضعيفة، التي تجاهلت حاجتها التاريخية إلى منطقة عازلة جيوسياسية إلى الغرب، والآن بعد أن أصبحت روسيا أقوى، كما يقول هؤلاء الخبراء، سيكون من المعقول لأي زعيم في الكرملين أن يحاول إعادة رسم تلك الخريطة.
وقال فيودور لوكيانوف، محلل السياسة الخارجية البارز في موسكو، الذي يقدم المشورة للكرملين، إن هدف بوتين الآن هو "فرض مراجعة جزئية لنتائج الحرب الباردة"، لكنه لا يزال يعتقد أن بوتين سيتوقف عن الغزو الشامل، وبدلاً من ذلك يستخدم "وسائل خاصة أو غير متكافئة أو مختلطة"، بما في ذلك جعل الغرب يعتقد أنه مستعد حقًا للهجوم.
ويرى ديمتري ترينين، رئيس مركز أبحاث مركز كارنيجي في موسكو، "إن بوتين ناجح جدًا في استخدام الصورة السلبية التي تم إنشاؤها عنه كشيطان"، وأضاف أنه "يستغل المخاوف من أنه مستعد لشن حرب، وكانت الخطة هي خلق تهديد، لإيجاد شعور بأن الحرب يمكن أن تحدث".
وأضاف: "الخبراء أخطأوا من قبل، ففي عام 2014، استولى بوتين على شبه جزيرة القرم، على الرغم من أن قلة من محللي موسكو كانوا يتوقعون تدخلا عسكريًا. وهؤلاء الذين شككوا في الرأي القائل إن بوتين مخادع، سنجده أنه خلال الوباء، اتخذ بالفعل إجراءات بدت في وقت سابق غير مرجحة".