السجين السابق ب"غوانتينامو" يطالب بحل البرلمان الموريتانى

اثنين, 08/07/2019 - 10:48

طالب السجين السابق ب"غوانتينامو" محمد صلاحى بحل البرلمان الموريتانى من خلال رسالة وجهها الى رئيس الجمهورية.
نص الرسالة:
الرئيس السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أهنئكم على نجاحكم و أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعينكم على أمانة عرضها الله عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا.
حسب تقرير افريدم هاوس لعام ٢٠١٨ فإن موريتانيا لا تعتبر دولة حرة حيث أن معدل الحرية فيها هو ٣٠٪ مقارنة بنسبة حرية بلغت ٧٥٪ في دولة السنغال الجارة الجنوبية والتي اعتبرها التقرير دولة حرة حسب المعايير التي وضعها معهد الدراسات وحتى جارتنا الأخرى مالي رغم ما فيها من الحروب و المشاكل و التهديدات الأمنية فإن مؤشر الحرية فيها بلغ ٤٤٪ مما أهلها أن تكون “Partly Free” أي أنها حرة نسبيا بينما أخذت موريتانيا علامة “Not Free”
وتأتي الدول الإسكندنافية على رأس اللائحة بنسبة ١٠٠٪ في كل من النرويج والسويد وفنلندا و ذيل القائمة كماهي العادة محجوز سلفا للدول العربية إلا ماكان من تونس بنسبة ٧٠٪ ونسبيا جزر القمر ٥٥٪ وحسب نفس المركز فإن الدولة العربية الوحيدة الحرة هي الجمهورية التونسية رغم ماتعانيه من التحديات في قلة الموارد و التهديدات الأمنية والمحيط العربي المعادي للحرية و لحقوق الإنسان.
والحقيقة أن موريتانيا حسب افريدم هاوس كانت تعتبر دولة حرة جزئيا سنة ٢٠٠٨ ولكنها بعد ذلك انحدرت إلى قائمة بقية الدول العربية في السنوات الأخيرة.
ومن ناحية حرية الصحافة فإنه حسب تقارير مراسلون بلاحدود فإن بلدنا يأتي في الدرجة ٩٤ من أصل ١٨٠ دولة والذي يشفع لنا هو أن “الموت في عشرة انزاهه” حيث أن سجل جاراتنا العربية للأسف هو سجل قاتم وحزين حيث أن أول دولة عربية في حرية الصحافة هي جزر القمر والتي أتت في المرتبة السادسة والخمسين وبعدها بمراحل تأتي تونس في الدرجة الثانية والسبعين وبالمقارنة فإن جارتنا السنغال أتت في المرتبة التاسعة والأربعين رغم أنها تعتبر دولة متواضعة من دول العالم الثالث لا تملك من المقومات مثل ما نملك في منطقتنا العربية والذي يؤهلنا أن نكون في مراكب الدول المتحضرة من حيث الحرية و العيش الكريم‘ “ألا يعطينا النازلة بركتو”.
وتعتبر موريتانيا منطقة حمراء في تقرير منظمة الشفافية العالمية حيث أننا أتينا في المرتبة ١٤٤ من أصل ١٨٠ دولة وهذا مؤشر خطير غير مساعد للإقتصاد وطارد لشركات الاستثمار العالمية التي تعتمد على ضمانات المحاسبة والعدالة و رفع الظلم إن وقع وإرجاع الحق إن سلب وقد أشار المرشح السيد غزواني في خطاب افتتاح حملته إلى أن الديمقراطية تجذب المستثمرين وهو في ذلك صادق.
ومرة أخرى فإن موريتانيا تجد نفسها في دفئ المنظومة العربية المترهلة الفاسدة حيث أن القوي يأكل الضعيف والمظلوم لا صوت له خائف وجل و لا سبيل إلى أي نوع من محاسبة الفاسدين أصحاب السلطة و النفوذ.
ورغم أنها ليست دولا ديمقراطية ألا أن قطر والإمارات تأتي على رأس الدول العربية من ناحية الشفافية في المعاملات المالية والدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة تونس تحاول جاهدة وإن بوتيرة بطيئة اللحاق بركب الأمم الحرة حيث أنها تأتي في الدرجة الثالثة والسبعين.
ورغم أن الحريات السياسية ليست على ما يرام إلا أنه كان هناك تطور اقتصادي إيجابي رغم تواضعه خلال العشرية الأخيرة حيث ارتفع مستوى المعيشة للسكان بشكل عام و انخفضت نسبة الفقر. حسب التقرير الأخير لشهر مايو لهذه السنة للبنك الدولي فإن التعداد السكاني لموريتانيا بلغ ٤ ملايين نسمة نصفهم تقريبا يسكنون في المدينة في وضعية تعليم متدهورة حيث أن ٥٥٪ فقط من الأطفال ما بين سن ٦ و١١ سنة التحقوا بالتعليم الأساسي. و منذ سنة ٢٠٠٨ فإن الناتج المحلي في ازدياد وذلك بسبب نمو المواصلات والنقل والقطاع الأساسي الذي يشمل الزراعة إلا أن الصناعات الاستخراجية لم تزل في تراجع منذ عدة سنوات وانخفضت نسبة الفقر من ٤٤.٥٪ في سنة ٢٠٠٨ إلى ٣٣٪ في سنة ٢٠١٤. وحسب البنك الدولي فإن النمو الاقتصادي في موريتانيا لا يجاري النمو السكاني حيث أن الأخير أكبر من الأول ولكن الخبر السار للرئيس القادم يوحي بأن المعطيات على الأرض في صالح نمو اقتصادي يمكن أن يصل إلى نسبة ٦.٢٪ في سنة ٢٠٢١.
وتقارير السي أي أيه الدورية عن بلدنا تعطي صورة قاتمة تحتاج إلى مراجعة شاملة من طرفنا في الحريات الأساسية و الاقتصاد و العدالة الاجتماعية و هذه التقارير تأتي عن دراسة متأنية و علمية و شاملة تنشرها الوكالة عن جميع دول العالم و تقدمها للشعب الأمريكي خدمة له ليكون على اطلاع بما يدور في العالم.
في رده على سؤال أحد الصحفيين عما إذا كان “العسكر” يحكم الدولة الموريتانية قال السيد الرئيس ولد عبد العزيز بأن الجي انقلب على السلطة في سنة ١٩٧٨ لأول مرة مشيرا إلى الانقلاب على ولد داداه. وذكر بأن المسار غير مرتين خلال انقلابي ٨٤ و ٢٠٠٥ ثم أضاف المرة الثالثة واصفا إياها عمليا بأنها انقلاب وهذه شجاعة تحسب للسيد الرئيس مع أن بعض مؤيديه يصرون على أوصاف رنانة من قبيل “ثورة شعب” إلى غير ذلك. ولخص حالة الجيش الموريتاني في أنه “لحم الرقبة الموكول والمذموم” كما يقول المثل الحساني متأسفا لذلك. والغريب أن السيد الرئيس صرح بأن الجيش لم يحكم الدولة وإنما وكل ذلك “لمجموعات وتيارات سياسية” استخدمت الجيش كأداة لحكم البلاد ولذلك فإن الجيش أصر أن لا يكون للتيارات السياسية أي دور خلال انقلاب ٢٠٠٥ حسب ما قال السيد الرئيس لأنهم “خربوا” البلاد. وقد قرر الجيش أن يترك السلطة بعد انقلاب ٢٠٠٥ حسب ما قال السيد الرئيس بل و أنه حرص بعد انقلاب ٢٠٠٨ أن لا يتدخل الجيش في السياسة وهو أمر لم أستطع فهمه حيث أنه بالنسبة لي فأن أقصى مراتب التدخل في السياسة هو نزع رئيس وتعيين آخر يسير البلاد!
و عليه فإني أتوجه إلى السيد الرئيس الجديد بالطلبات التالية‘ بشرط أن تكون من صلاحياته الدستورية من أجل تحسين أوضاع البلد و اللحاق بركب الدول الحرة و المتقدمة و التي توفر العدالة الاجتماعية والعيش الكريم لمواطنيها:
وأنا سيدي الرئيس وددت لو أني في بلد تطورت فيه مؤسسات الديمقراطية بشكل يسمح بالأخذ على يدكم و محاسبتكم و ردكم إلى جادة الصواب إن زللتم عن الطريق – لاقدر الله – و لعمري إن ذلك سيكون من صلب مصلحتكم وهو أمر سأكون أول المرحبين به. فبذلك تكفيني المؤسسات القوية والمستقلة مؤونة التوجه اليكم رغم أن ذلك حق لي و أنا أطلب منكم ماهو حق لي ولكل مواطن وتقوم المؤسسات بذلك نيابة عني وعن المواطن. و وجود مؤسسات المحاسبة هو أمر طبيعي في الدول الحرة. ولكن الحالة كما أراها هي أن سيادتكم إن لم يلجم نفسه فلا أحد يستطيع ذلك لأننا مازلنا نعيش ثقافة الخوف من الرئيس و بطش زبانيته وسجنه ظلما وعدوانا لمن يتجرأ على معارضته و حرمانه من الوظيفة و التقدم في المناقصات العامة و ثنيه عن المساهمة البناءة في بناء وطنه. ليس على الرئيس أن يحب من عارضه بل له أن يبادله الكراهية إن رأى ذلك و لكن لا يجوز له أن يمنعه حقا هو له. حينما تحدى الصحافي جيم أكوستا الرئيس ترامب وتشاجر معه في بث مباشر و حاول ترامب أن يقصيه من صحافة البيت الأبيض وقفت نفسي للحظة. ولكن القضاء الأمريكي رد الصحافي جيم رغما عن أنف الرئيس و انتصارا للقانون. و لم ينقص ذلك من هيبة الولايات المتحدة ولا من هيبة رئيسها بل زادها عزا بين الدول حين رأى العالم انه لا أحد فوق القانون ولا المساءلة وأن الشعب يستطيع أن يحاسب الرئيس. هل تريد سيدي الرئيس أن تكون رئيسا لأربعة ملايين عبد مطيع خائف وجل و منكسر أم تريد أن تكون رئيسا لشعب حر رافع رأسه بين الدول لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه؟
حل البرلمان الموريتاني بمقتضيات المادة ٣١ من الدستور الموريتاني والدعوة إلى انتخابات مبكرة شرط أن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة حسب المعايير المتعارف عليها دوليا. بما في ذلك عدم إدخال المال الفاسد والمال العام ومؤسسات الدولة لصالح طرف دون آخر ولي أذرع رجال الأعمال ورؤساء القبائل ليقفوا إلى جانب حزب رغما عنهم تحت الوعد و الوعيد. لا توجد دولة حرة دون برلمان قوي يحاسب رئيس الدولة وبالطبع سيدي الرئيس يمكنكم أن تقولوا إنه لا حاجة لكم في برلمان حقيقي يشوش على الرئيس ويقف له بالمرصاد. و مادام البرلمان الحالي يمكن أن يمرر كل نزوات الرئيس وسط التصفيق الحار على حساب المصلحة العليا للدولة فلماذا التغيير. وبرلمان يقف معكم هو أمر جيد إن جاء من الشعب و لكن فرضه على الشعب أمر لا يرضاه شريف لوطنه. الموريتانيون يجب أن توفر لهم فرصة حقيقية لاختيار من يمثلهم ألى جانب أنه من صالح الرئيس أن تكون له معارضة حقيقية من باب قانون الدفع “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض” والذي بدونه “فسدت الأرض”. برلمان ب ٨٠٪ من المصفقين للرئيس لا يليق ببلاد شنقيط وإنما هو دليل ساطع على انعدام الحرية والديمقراطية ولي ذراع الشعب وفرض الأمر الواقع على الشركاء السياسيين. لا أحد يملك مقدار ذرة من عقل يمكن أن يصدق أن ثمانين في المائة من الموريتانيون يقفون في نفس الخندق السياسي و نحن نرى في الأسرة الواحدة كل ألوان الطيف السياسي ممثلة. و في المجمل فإن أي حزب سيجل نجاحا تاريخيا إن حصل على نسبة ٣٠٪ وهذا أمر محمود يتيح فرصة إشراك كل أطياف الشعب في القرار السياسي.
تكوين لجنة وطنية مستقلة مختلطة من فئات الشعب تضم كافة المكونات لإصلاح سلك القضاء وضمان استقلاليته لأنه ركيزة لا غنى عنها للمواطن العادي حتى يسترد حقه دون أن تتدخل أي جهة “رسمية” لابتزاز القاضي والتأثير عليه. حينما انتخبكم الشعب و ضع في أيديكم قوة البطش من الأسلحة و قوات إنفاذ القانون و سمح لكم وحدكم باستخدامها بما تمليه مصلحة الدولة والمواطن و لأنكم تملكون استخدام العنف حصريا و جب تقييدكم أكثر من غيركم ولا يتسنى ذلك دون قاض حر مستقل لا يخاف إلا الله ولا ينصت إلا إلى نص القانون الشرعي و ما يمليه عليه ضميره. قاض يخاف من كيد رئيس الجمهورية لا يصلح أن يجلس على كرسي القضاء في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
مؤسسة القضاء تعتبر من أهم ركائز دولة القانون و فصلها فصلا تاما عن السلطة التنفيذية أمر من أوجب الواجبات. سيدي الرئيس‘ لا يمكن أن يكون هناك قضاء مستقل يحترم نفسه و مع ذلك يخاف سيادتكم و يتلقى الرسائل من حضرتكم. القاضي له دور مقدس و يجب أن يحكم بما أراه الله دون خوف أو طمع من الرئيس. وأنا أعرف أن الدولة غالبا لا تتدخل إن كانت الخصومة بين المواطنين ولكن كثيرا من القضايا المصيرية هي ضد الدولة وعمالها المتنفذين من أجل رد الحق للمواطنين الضعفاء ولي ذراع الظالم و إجباره على الإذعان للقانون. لا يجوز أن تكون هناك قوة فوق القانون المستمد من الشريعة المطهرة.
إصلاح التعليم ودمج التجربة المحظرية الفريدة في سلك التعليم النظامي والاعتراف بها كجزء من المنظومة التعليمية و تكوين لجنة وطنية تضم موظفين حكوميين و أفراد من المجتمع المدني يباركها البرلمان و يحاسبها. ولماذا لا نستفيد من التجارب الناجحة في الدول الاسكندنافية وألمانيا وغيرها.
سيدي الرئيس‘ آخر ما تحتاجون إليه هي جوقة المطبلين والمنافقين الذين بدءا يأخذون مواقعهم ‘ يتساقطون عليكم تساقط الجنادب على النار من مثقفين و إعلاميين و أشباه الفقهاء وغيرهم ممن باعوا دينهم رجاء عرض من الدنيا زائل. وقد ذكرني هذا بكلام أبي محمد بن حزم: “فلا تغالطوا أنفسكم ولا يغرنكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم، فالمخلص لنا منها الإمساك للألسنة جملة وتفصيلاً إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. وأنا أفترض أنكم بدرجة من الذكاء تمكنكم من معرفة أن مادحكم لا يقصد ما يقول و لا يريد لكم خيرا بل يريدكم مطية سوء من أجل سرقة أموال الشعب المسكين الفقير في مجمله من أجل الاستيلاء على الأراضي وبناء القصور وركوب السيارات الفاخرة من المال الحرام الذي أنت عنه مسؤول في الدنيا والآخرة.
تطوير العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع محيطنا العربي والافريقي‘ الأقرب فالأقرب و مع الدول الحرة و الدول القوية مع المحافظة على استقلال قرارنا والتحرر من الضغوط التي تأتي عبر رسائل الضغط والابتزاز السرية التي لا يطلع عليها الشعب فيرد عليها رغم أنه صاحب القرار النهائي لأن الرئيس هو عامل يأخذ مرتبا من الشعب. وغالب الظن سيدي الرئيس أن الدول الكبيرة لا تبتز رئيسا مالم تأخذ عليه خيانة لوطنه!! علاقات موريتانيا يجب أن تكون حسنة مع جميع الدول لأننا شعب يحب السلام بطبيعته و يكره الظلم.
هذا و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمدو ولد صلاحي