حدّث الشيخ الرّاوية عبد الله ول باباه قال، حدّث الشيخ عبد الله ولد داداه قال، "اعقلت اعلى" مرافعة طريفة بين "ول آغنيب" ومرابط من الزوايا، في مجلس قضاء والدي، سيدي محمد "الراجل" ولد داداه، قال :
وتفاصيل الأمر هو أن "ول آغنيب"، وكان رجلا جهير الصوت، وأوتي بسطة في الجسم .. ذهب إلى شمامة في طلب الزرع، عام رمادة.
ونزل عند أناس من "قطان شمامة" لجمع الزرع، وأيانها أصيب بمرض السكتة، وذات اشتداد لوعكته دخل في غيبوبة، وظنّه القوم توفي فأرادوا تجهيزه – مع أن الفقهاء نصوا على عدم الإسراع في تجهيز صاحب السكتة –
لكنهم لم يكن بينهم من يعرف تجهيز الأموات ..
وبينما هم في حيرة من الأمر، إذا بمرابط من الزوايا نزل بهم، فسألوه أن يعينهم على تجهيز الرجل، فوافق شرط الأجرة ..
وفتحوا "تاسفرت" "ول آغنيب"، فوجدوا بها "بيصة" من "الخنط"، كان يريد أن يقايض بها الزرع ..
فقسموها .. وأعطوه نصفها للقيام على تجهيز الرجل ..
فغسّله وكفّنه في كساء جلد قديم "تيلويشت"، وحفر قبرا دفنه فيه، ومضى في سبيله ..
وكان من عناية الله، أن ،ول آغنيب" أفاق من غيبوبته !! وأحسّ من نفسه راحة !!
فخرج من قبره في هزيع الليل ..
وقد تبيّن الأمر - وكان رجلا متّئدا - وجاء إلى الخيمة التي كان نازلا بها، فوجد القوم نياما ..
فلما أيقظهم .. ظنوا الأمر كابوسا .. فتطايروا عنه، بعد أن تعالت الأصوات، وبلغت القلوب الحناجر ..
ولكن لا مفر من أمر الله ..
فلما استبانوا الأمر، وهدّأ "ول آغنيب" من روعهم، أخبروه ما كان مما كان ..
ولكنه حين علم أن نصف "البيصة" أخذه المرابط - الذي جهّزه - كعوض عن أتعابه، ترك الحديث، وركب جمله، ومضى يقتفي أثر المرابط، إلى أن ألفاه ضحى الغد ..
فسلّم عليه، وقال له أنا هو الرجل الذي دفنتم البارحة في مكان كذا، وجئت أطلب نصف "البيصة" التي أخذتم ..
فرد عليه المرابط قائلا .. أنا لم أأخذها عنوة، وإنما آجرني بها ناس على تجهيزك، وقد قمت بذلك ..
ولما أيقن "ول آغنيب" أن صاحبه مصر على حقه في نصف "البيصة"، رفعه إلى القضاء، ولم يزل النزاع بينهما إلى أن وصل بهما الأمر إلى القاضي سيدي محمد ول داداه.
حدّث الشيخ عبد الله ولد داداه قال .. "اعقلت" وأنا حدث في مجلس والدي، تلك المرافعة ..
وكان من طريفها أن "ول آغنيب" يخاطب القاضي سيدي محمد قائلا ..
يامرابطي .. "هذا الراجل ما يعرف شي عن تجهيز الموتى، وآنا كفّني افتلويشت درس، وادفنّي فاقبر ماهو لاحك اذراع اعل التحت" ..
فيرد الرجل قائلا .. "ولد آغنيب تَبارك الله ابْقَدْرو وشمامة كُدْيَ قاسية" .. يعني يصعب الحفر فيه عميقا له ..
قال الشيخ عبد الله ول داداه .. إن سيدي محمد " الراجل"، بعد أخذ ورد، حكم بينهما بمناصفة نصف "البيصة" بينهما ..
فول آغنيب مالكها، وهو على قيد الحياة، وتام التصرف في ماله ..
وخصمه، أُجر على عمل، وأتم نصفه ..
وقد قال له القاضي .. لو أتقنت عملك لما أمكن لهذا الرجل الخروج من القبر ..
فلذلك لم تستحق إلا نصف أجرك.
تقدمى نت