السابع من أكتوبر ... ماخفيّ عن العالم واعترف به الجنود الصهائنة

سبت, 25/10/2025 - 00:35

في صباح السابع من أكتوبر2023، لم يكن جنود الجيش الصهيوني على خط الحدود مع قطاع غزة يتخيلون أنهم على أعتاب "زلزال أمني" سيعيد رسم خريطة الصراع في فلسطين.

ففي هجوم مفاجئ واسع النطاق أطلق عليه كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس اسم "طوفان الأقصى" اخترق مقاتلون فلسطينيون الحدود البرية والبحرية والجوية وسيطروا مؤقتا على مواقع عسكرية ومستوطنات صهيونية في عملية وصفت بأنها الأكبر منذ عقود.

الروايات التي نشرت لاحقا عن جنود صهائنة في مواقع مثل "ناحال عوز" و"إيرز" و"زيكيم" و"بيغا" و"أورييم" و"صوفا" كشفت عن حالة من الفوضى والارتباك في الساعات الأولى من الهجوم وعن فشل ذريع في جهاز الاستخبارات والجيش في التنبؤ بالهجوم أو احتوائه. وقد وصف ضباط وجنود صهيونيون ما جرى بأنه "كارثة غير مسبوقة"، مشيرين إلى أن قياداتهم العليا كانت "في حيرة من أمرها"، بينما تولى جنود الصف الأول إدارة المعارك بأنفسهم تحت وابل النيران.

رغم محاولات الجيش الصهيوني لاحقا تصوير المقاومة الفلسطينية على أنها "إرهاب" فإن شهادات جنوده تكشف حقيقة أخرى: أن الهجوم كان منظما مفاجئا وفعالا. 

وفي صباح يوم 7 أكتوبر 2023 قتل خلال ساعات 1538 صهيونيا من بينهم 286 ضابطا وجنديا، وأسر 248 خلال الهجوم الأولي على الكيان الصهيوني من قطاع غزة.

وقال أحد الضباط الناجين في موقع ناحال عوز الذي يبعد أقل من كيلومتر عن الحدود: "لم نكن على قدر المهمة... فشلنا"، معترفا بأن "القاعدة سقطت في الساعات الأولى". 

وفي "معبر إيرز" حيث تم أسر 3 جنود وقتل اثنان منهم لاحقا أقر تحقيق عسكري صهيوني بأن "المهمة الدفاعية لم تنفذ" وأن "القوة المخصصة للدفاع لم تكن كافية حتى لسيناريو محدود".

ما بدأه مقاتلو القسام في صباح السابع من أكتوبر لم يكن مجرد هجوم عسكري، بل كان رسالة سياسية وأمنية ورمزية: أن المقاومة قادرة على كسر الحصار وتحدي التفوق التكنولوجي وفرض نفسها كطرف لا يمكن تجاهله. 

وقد أعادت هذه العملية القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الإقليمي والدولي بعد سنوات من التهميش.

اليوم، يكرم الفلسطينيون مقاتلي "طوفان الأقصى" كـ"أبطال" صنعوا لحظة تاريخية غيرت مفاهيم القوة والتوازن في الصراع.

 

 معركة قاعدة زيكيم.. لم يتبق قادة مؤهلون

 

في الساعات الأولى من هجوم "طوفان الأقصى" وصل مقاتلون فلسطينيون إلى قاعدة زيكيم الجوية حيث اشتبكوا مع قوات صهيونية قليلة العدد وقتل سبعة جنود.

يروي المقدم "أ." قائد فوج المشاة 890 آنذاك "في السرية التي أغلقت يوم السبت لم يبق أي قادة أكفاء تقريبا.

 معظمهم أُصيبوا أو قُتلوا ويعود ذلك جزئيا إلى قرارهم التقدم إلى الميدان بدلا من المجندين الجدد".

ويصف مشاهد صعبة: "كان هناك مجندان جديدان، أمضيا شهرا ونصف في الجيش، أحدهما قاتل إرهابيًا بيديه العاريتين، والآخر قضى عليه بالرصاص".

ويضيف أن فتاة في القاعدة طلبت منه سلاحًا بعد أن أُصيبت والدتها بثلاث رصاصات مما يعكس حالة الفوضى والانهيار التام في التنسيق.

 

 معسكر يفتاح.. فوضى وصراخ

 

في معسكر يفتاح اقتحم نحو 30 مقاتلا فلسطينيا الموقع ودارت معارك عنيفة أدت إلى مقتل تسعة جنود صهيونيين. 

يروي أحد الجنود، الذي كان من المقرر أن يبدأ خدمته في اليوم التالي: "قدت سيارتي عبر الحقول وعندما وصلت رأيت جنديين قتيلين وسيارة مصابة بوابل من النيران... عمت الفوضى المكان: صراخ جرحى ولا أحد يعرف أحدا".

ويصف كيف ساعد الرقيب أورال موشيه في إجلاء الجرحى قبل أن يقتل مباشرة: "أُطلقت النار عليه فورا.. كل من قاتل هناك قاتل بشراسة".

قاعدة إيرز والمعبر: "نحن في حالة حرب تعالوا"

 

في قاعدة إيرز واجهت سرية من لواء غولاني موجة من المقاتلين الذين عبروا من البحر والبر.

 قتل خمسة جنود وجرح 17 بينما خسرت المقاومة عشرات العناصر.

يقول النقيب "ر."، قائد السرية: "قال لي قائد الكتيبة عبر الهاتف: نحن في حالة حرب، تعال".

ويصف كيف وصل إلى القاعدة بعد أن أُصيبت سيارته بشظايا، ليجد نفسه في كمين نصبه ثلاثة مقاتلين. وقال "بدأت بتبادل إطلاق النار وأنا لا أملك سوى خرطوشة واحدة.. ويقر في نهاية المطاف: "فشل سياسي واستراتيجي الهائل.. الجنود بذلوا كل ما في وسعهم".

 

ناحال عوز.. رمز الفشل

 

كانت قاعدة ناحال عوز الأكثر دموية حيث قتل 53 جنديا وأسر عشرة آخرون.

 وصف تحقيق صهيوني ما جرى بأنه "فشل ذريع" في الاستعداد لهجوم بري واسع.

يروي الملازم "ل." نائب قائد سرية الدعم الإداري، كيف خرج من غرفته حافي القدمين، وارتدى زيه العسكري ليجد نفسه في مخبأ مع 20 جنديا معظمهم بلا سلاح.

 ويقول "لم نفهم أن المقاتلين الفلسطينيين هم من وصلوا... ظننا أن قواتنا تطلق النار على السياج".

 

موقع بيغا.. "الكتيبة 13 – حتى آخر رصاصة"

 

في موقع بيغا، واجه 25 جنديا من الكتيبة 13 نحو 150 مقاتلا فلسطينيا. قتل 14 جنديا.

يقول أحد الجنود: "شرح لنا قائد السرية أن هذا هجوم واسع وأن الإنقاذ لن يأتي... وقال: نحن الكتيبة 13 السرية ج – وسنقاتل حتى آخر رمق'".

ويروي كيف قرر خمسة مقاتلين الخروج من غرفة الطعام المحاطة بالدخان لفتح ممر للهواء فقتلوا جميعًا.

ويصف لحظة وصول التعزيزات: "سمعت ضجيجا... كان لدي نصف مخزن ذخيرة. قلت: إما أن يكون جيش الدفاع الإسرائيلي، أو سأقاتل حتى آخر طلقة".

 

مواقع مارس وكيسوفيم 

 

في موقع "مارس"، قاتل نحو 20 جنديا ضد عشرات المقاتلين.

يقول الرقيب "س." أنه: "في المواجهة الأولى، قضيت على المقاتل الأول، وأحضرتُ قابضه إلى غرفة الطعام... ليفهم الجميع أننا في حالة حرب".

ويؤكد أحد الضباط: "لا يوجد مقاتل في الكتيبة إلا وحمل سلاحا وقاتل. كان هناك سائقون، طهاة داعمون... حملوا السلاح وقاتلوا".