
بين تقارير وزارة الخارجية الأمريكية، وتصريحات "هيومن رايتس ووتش"، وتحركات بعض بعثات الاتحاد الأوروبي، تقف موريتانيا أمام حملة ضغط ناعمة لكنها ممنهجة، هدفها إغراق البلاد بالمهاجرين غير النظاميين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، وتحويلها إلى منطقة عازلة تحمي الضفة الشمالية للمتوسط، وتدفع الثمن عن أوروبا وأمريكا.
وفي كل موسم يدفع الغرب جهات "حقوقية"لنشر تقارير ما كاذبة ومغلوطة عن "التمييز"، و"الرق"، و"الانتهاكات ضد المهاجرين" وحتى فى بعض الاحيان ضد المواطنين، وتضخم الوقائع وتقصي السياق، لتبدو موريتانيا وكأنها بلد منفلت، بحاجة لـرقابة خارجية اوتصحيح مسار.
ولكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير،فالتقارير التى اصدرتها الخارجية الامريكية وتلك التى تهدد بها دول اوروبية الجانب الرسمى سريا وتقارير "هوين رايتس وتش"والتصاريح التى تقدمها عصابات"ايرا"و"افلام"وبعض المنظنات المحلية المأجورة، ليست بريئة فهى جزء من مؤامرة خلاقة كبرى،و استراتيجية ابتزاز دبلوماسي منظم، تُمارس باسم "حقوق الإنسان"، والغاية منها تمرير أجندة توطين اللاجئين والمهاجرين في موريتانيا، مقابل بعض الدعم المالي والتقني، على طريقة "إما أن تحتضنوا هؤلاء أو تصنفوا كدولة منتهكة لحقوق الانسان".
فموريتانيا ليست ضد الإنسان ولا ضد الوافدين، لكنها دولة ذات سيادة وتخاف على مصالحها كما هو حال اوروبا والولايات المتحدة التى ترحل المهاجرين جهارا.
هذا اضافة الى ان موريتانيا لايمكنها ان تحتمل العبء الديموغرافي والأمني والاقتصادي لمهاجرين بمئات الالاف، يتدفقون بلا وثائق، بلا رقابة، ويستوطنون أحياء هشة، في بلد عاجز عن تأمّين السكن والتعليم والخدمات لمواطنين.
ولهذه الاسباب فإما أن تتحرك السلطة الرسمية لرفض هذا الضغط بشكل سيادي وشفاف وعلنى،واشراك قادة الرأي والمجتمع المدنى، أو سوف نستفيق بعد سنوات قليلة على واقع ديموغرافي جديد وخطير، نتحول فيه من أصحاب الأرض إلى بدون جنسية نذبح فى الشوارع.
وعلى السلطة الرسمية ان تدرك جيدا،انها ليست خائفة و لا يحق لأي جهة خارجية أن تملي علينا كيف نعيش، ومع من ووفق أي توازنات.
ولن تجد السلطة الرسمية نفسها فى حرج او خوف اوضيق،الا اذا أدارت ظهرها لشعبها وخضعت عكس ارادته لاملاءات خارجية.
كما ان عليها ان تدرك اننا بحاجة إلى قرار وطني سيادى وحازم يقول للغرب: كفى تلاعبا بمصير الشعوب وموريتانيا ليست حديقة خلفية لأحد،ولانحتاج الى دعمكم ولن نكون شرطي حدود لأي كان وتغلق حدودها امام موجات الجراد الهادمة هذه.