
لم تكن العمارة التقليدية مجرد انعكاس لجماليات المكان وروح الثقافة المحلية، بل مثلت أيضا استجابة ذكية لضرورات العيش في مناخات قاسية، للاحتماء من أشعة الشمس والشعور بقليل من الانتعاش، وهو ما يجعلها اليوم محط اهتمام متزايد من المعماريين الباحثين عن بدائل صديقة للبيئة في مواجهة الاحترار المناخي العالمي.
ففي المغرب، يبرز الرياض بأفنيته الداخلية التي تجمع بين الظل والنباتات والنافورة في مركز المنزل لتبريد الهواء وتلطيفه، بينما تتدلى الأزهار من سقوف شرفات البيرغولا في بروفانس الفرنسية لتمنح المكان انتعاشا طبيعيا. أما العمارة الإسبانية التقليدية فتعتمد على الباحات المظللة، في حين لجأت شعوب أميركا الأصلية إلى الأكواخ التقليدية المبنية من الطين أو الخشب بقدرة عالية على العزل.
وتؤكد ذلك المهندسة المعمارية ومخططة المدن في باريس كريستيانا مازوني حيث تقول إن "هناك أمثلة كثيرة من الماضي مثيرة للاهتمام" لجعل السكن أكثر راحة في الطقس الحار، مثلما نرى في عمارة الأفنية الداخلية التي تعد من السمات المميزة للرياض المغربي، والمنازل الرومانية (الدوماس)، وقصور البندقية، وكذلك المساكن العثمانية ذات القاعات المركزية.
فأشعة الشمس لا تسخن الجدران مباشرة، حيث "يوفر الظل والنباتات الداخلية البرودة اللازمة للمبنى، وكأنها مدمجة في سماكة جدرانه، إضافة إلى أنه غالبا ما توجد نافورة أو بئر في المنازل لاستخراج الماء من الأعماق، مما يعمل على تلطيف الجو".