
وكأنه على موعد مع النكبة، ففي العام 1947 الذي أصدرت فيه الأمم المتحدة قرارها بتمزيق وطنه فلسطين وتقسيمها إلى دولتين، وُلد في بيت جالا قرب بيت لحم طفلٌ للفلسطيني خليل منصور.
انطلقت أولى صرخات هذا الطفل مع دوي صفارات الحرب في فلسطين، والتي بلغت ذروتها مع الأعمال الإرهابية في المناطق التي احتلها اليهود، بقتل الآلاف من الفلسطينيين العزل وطرد ما يقرب من 800 ألف فلسطيني (أو نصف سكان فلسطين العرب)، لينتهي المطاف بهم بلا وطن أو مشردين، هم وأحفادهم الذين ما زالوا بلا دولة وفي مخيمات اللاجئين.
ومنذ هذا التاريخ، ارتبط ميلاد الفنان سليمان منصور بمأساة شعب كامل، حتى شب واستطاع أن يترجم أحزان هذا الشعب بريشته التي دأبت على رسم ابتسامة الأمل على الشفاه الحزينة، وبألوانها الزاهية المتحدية، رسَمَ العباءة والكوفية الفلسطينية والأزياء الشعبية والثوب والتطريز، واستطاع أن يزرع شعار وطنه وعلم فلسطين في قلب كل إنسان، عربيا كان أو أجنبيا.
ولم تمر سوى أشهر قليلة على ميلاد الطفل سليمان خليل منصور، حتى اكتملت أركان النكبة على كامل التراب الفلسطيني، وبعد 26 خريفا دشن لوحته الأشهر "جمل المحامل"، التي أصبحت "أيقونة" للنضال وعنوانا للمأساة الفلسطينية، وأصبحت الأيقونة تُطبع وتوزع بملايين النسخ وتُعلق على كل جدران المنازل، يقتنيها كثير من الفلسطينيين والعرب في الوطن والمنفى وبلاد المهجر.
الفنان سليمان منصور فنان تشكيلي ونحات فلسطيني، يُعد من أشهر الفنانين التشكيليين العرب في العالم، استطاع أن يؤسس أرضية جديدة للفنون الجميلة في الضفة الغربية، من خلال رسوماته ولوحاته ومنحوتاته التي عبرت عن المأساة الفلسطينية في كل أطوارها. وهو أيضا رسام كاريكاتير محترف نشر رسومه بين عامي 1981 و1993 في جريدة الفجر الأسبوعية الإنجليزية التي كانت تصدر في القدس سابقا.