"مسار ماتبقى لنا" يوثق معالم غزة التراثية

اثنين, 18/08/2025 - 05:07

في خريف عام 2022، شرعت ولاء شُبلاق، المعمارية والفنانة البصرية، في جولات متأنية بين أزقة البلدة القديمة في غزة، تتنقّل بين القباب والأسواق والمنازل العتيقة، ترسم وتوثّق بعين فنية وحسّ إنساني.

كانت تسعى لأن تُخرج إلى النور كُتيبا يجمع بين السرد البصري والنصي، ليكون دليلا مرئيا يحفظ "ذاكرة المكان"، ولم تكن تدري أن الحرب ستباغتها قبل أن يكتمل حلمها، وتمحو بلهيبها ثمرة ما بذلته من جهد وعاطفة.

حصلت شُبلاق على منحة من وزارة الثقافة الفلسطينية لإصدار الكتيب الذي يحمل اسم "مسار ما تبقى لنا"، ويتضمن صورا للمواقع التراثية والأثرية في البلدة القديمة بغزة، برؤية فنية خاصة، تحافظ على روح المكان.

وتلفت المعمارية والفنانة الفلسطينية -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن كُتيب "مسار ما تبقى لنا" بدأ كمشروع فني بحثي يهدف إلى تتبع أثر الوجود الإنساني داخل حدود البلدة القديمة، لتوثيق ما تبقى من معالمها كشاهد إنساني وتاريخي وثقافي، يحكي عن المدينة وسكانها وبُناتها عبر العصور.

ونبعت فكرة المشروع لدى شبلاق من خلال ارتباطها بذكريات طفولتها في بيت جدها لوالدتها (عبد القادر بسيسو)، وهو أحد البيوت الأثرية الفريدة بحي الشجاعية، كما كان لموهبتها في الرسم ودراستها لهندسة العمارة الأثر الأكبر في تعميق فهمها لفكرة أن العمارة الحقيقية يجب أن تحتوي الإنسان "جسدا وروحا".

ومع تقدم العمل، اكتمل أكثر من 60 مشهدا فنيا، وبدأت شبلاق تتهيأ لجمعها في الكُتيب، قبل أن تندلع الحرب.

في المراحل الأخيرة للمشروع، باغتت الحرب شُبلاق، فقد نزحت مرارا بين 4 منازل داخل غزة، ووضعت لوحاتها في "حقيبة النزوح" كما يفعل الآخرون مع وثائقهم الثمينة.

لكن النزوح الأخير، في فبراير/شباط 2024، بأحد منازل حي الرمال غربي غزة، رافقه حصار مروع استمر 9 أيام، وانتهى بتفجير المنزل الذي كانت فيه.