"تازيازت: ذهب موريتانيا في يد الأجنبي... والدولة تكتفي بالفتات"

ثلاثاء, 22/07/2025 - 09:39

يعتبر منجم تازيازت، الذي تديره شركة كينروس الكندية، من أغنى مناجم الذهب في غرب إفريقيا. لكنه، في الواقع، يجسّد نموذجًا فجًا لاستنزاف الثروات الوطنية بأبخس الأثمان*، في ظل عجز حكومي أو تواطؤ مقنّع، وواقع اقتصادي محلي لا ينعكس فيه هذا الذهب لا على حياة المواطن ولا على ميزانية الدولة.
1. إنتاج ضخم... حصة الدولة لا تتجاوز الفتات*
- بلغ إنتاج تازيازت في 2023 أكثر من 620 ألف أوقية ذهب*، أي نحو 1.4 مليار دولار (بسعر 2200 دولار للأوقية).
- حصة الدولة الموريتانية، وفق النظام التصاعدي للرويالتي، تتراوح بين 4% و6.5% فقط من المبيعات، ما يعادل 60-90 مليون دولار سنويًا.
- النتيجة: أقل من 7% من قيمة الذهب تبقى لموريتانيا، فيما تحوّل كينروس أكثر من 93% من الثروة إلى كندا وأوروبا.
2. لا ضرائب عادلة... ولا أرباح توزع
- كينروس تتمتع بإعفاءات ضريبية ضخمة، وخاصة في ضريبة الأرباح، مقابل وعود بالاستثمار والتنمية.
- في الواقع، الدولة لا تتلقى إلا إتاوات هزيلة، بينما تتذرع الشركة بتكاليف التشغيل للتهرب من دفع ضرائب الأرباح الحقيقية.
3. العمال: مئات الموريتانيين... دون ترسيم
- نحو 97% من العمال موريتانيون، لكن الغالبية بعقود مؤقتة وهشة، دون أي ضمانات اجتماعية طويلة الأمد.
- كثير من العاملين يُشغّلون عبر مقاولات فرعية (outsourcing)، ما يتيح للشركة التملّص من المسؤولية القانونية والنقابية.
4. غياب استثمار حقيقي في المجتمعات المحلية*
- رغم مرور أكثر من 15 سنة على استغلال تازيازت، *لا وجود لبنية صحية أو تعليمية متقدمة* في مناطق التعدين (بنشاب، الشامي، إينشيري).
- الاستثمارات الاجتماعية المعلنة لا تتعدى 18 مليون دولار على مدى عقد كامل، أي أقل من 1.5 مليون سنويًا، وهو مبلغ *أقل مما تصرفه الشركة على الوقود شهريًا!*
5. الأثر في الاقتصاد الوطني: شبه منعدم.
- لا توجد *سلاسل توريد محلية* حقيقية: كينروس تعتمد على شركات أجنبية في التموين، النقل، والخدمات.
- الأرباح *لا تُعاد استثمارها داخل موريتانيا*، بل يتم تحويلها إلى الخارج عبر حسابات بنكية في كندا.
- عائدات تازيازت *لا تُحسّن سعر العملة الوطنية، ولا تُقلّص البطالة، ولا تُحدث أثرًا تنمويًا واضحًا.*
6. سؤال السيادة: هل نحن شركاء أم مجرد أرض منجم؟*
- كينروس تتحكم في المنجم اداريًا وفنيًا وماليًا دون رقابة موريتانية فعلية.
- الشفافية مفقودة في تحديد كميات التصدير، وآليات التسعير، ومصاريف التشغيل المعلنة.
ما يحدث في تازيازت ليس مجرد استثمار أجنبي، بل نهب منظّم لثروات موريتانيا بغطاء قانوني هش. الدولة تحصل على الفتات، والمجتمع المحلي مهمل، والعمال مستغلّون، والثروة الوطنية تُنقل بصمت خارج الحدود.
آن الأوان لمراجعة الاتفاقيات المجحفة، وفرض شراكة حقيقية تضمن:
- 25% على الأقل من العائدات لموريتانيا.
- ترسيم العمال.
- استثمار مباشر في البنية التحتية المحلية.
- فرض ضريبة أرباح حقيقية، ومراجعة الامتيازات الجبائية.

يتبع

اعداد:محمدالأمين لحبيب