
نواكشوط(وكالة السواحل للأنباء): حقق العراق في عهد صدام حسين إنجازات عسكرية هامة في مجال تصنيع الأسلحة بما في ذلك الإلكترونية الدقيقة ونجحت البلاد نهاية الحرب مع إيران في "تجميع" طائرة أواكس سميت "بغداد – 1".
احتاج الجيش العراقي خلال الحرب الطويلة مع إيران إلى طائرة حاملة للرادار مخصصة للإنذار المبكر والتحكم والكشف بعيد المدى، وبدأت "وزارة التصنيع العسكري" في البلاد في عام 1987 في تطوير طائرة من هذا النوع.
في العام التالي 1988، جهزت طائرة نقل ثقيل سوفيتية الصنع من طراز "إليوشن – 76 أم دي" برادار ثابت فرنسي الصنع من نوع "طومسون-سي إس إف تايغر-جي"، يغطي زاوية قدرها 180 درجة بقدرة مسح راداري قدرها 350 كيلو متر مربع. وثُبت الرادار في منطقة باب الطائرة الخلفي.
النموذج الثاني لطائرات الإنذار المبكر العراقية ظهر بسرعة في عام 1989، وأطلق عليه اسم "بغداد – 2" ، قبل أن يتغير الاسم إلى "عدنان – 2" عقب مقتل عدنان خير الله طلفاح وزير الدفاع العراقي وابن خال صدام حسين، في حادث سقوط مروحية أثناء رحلة داخلية في 4 مايو عام 1989.
جرى تزويد طائرة الإنذار المبكر العراقية "عدنان – 2" بهوائي رادار معدل من طراز "تايغر – جي"، وكان على شكل قرص ثبت على ظهرها، كما زود هذا الطراز بمنظومة إنذار راداري وبمحطة تشويش.
ويقول خبراء إن طائرة "عدنان – 2" تميزت عن النموذج الأولى لطائرات الإنذار المبكر العراقية التي تغير اسمها إلى "عدنان – 1"، بأنها كانت ذات قدرة قتالية ملموسة، علاوة على زيادة قدرتها على كشف الأهداف الجوية.
لعدة سنوات تم رصد رحلات منتظمة لطائرات الإنذار المبكر العراقية من الطرازين "عدنان – 1" و"عدنان – 2"، ولا يختلف النموذجان إلا بشكل الهوائي المثبت أعلى الطائرة "عدنان – 2" وهو على شكل قرص.
المسؤولين العراقيون في ذلك الوقت كانوا فخورين بطائراتهم الخاصة للإنذار المبكر، وكانوا يحرصون على استعراضها أمام ضيوفهم وممثلي الدول الأخرى.
تقارير تفيد بأن العراق تمكن حتى عام 1991 من صنع 4 طائرات "أواكس" اثنتان من طراز "عدنان – 1" واثنتان "عدنان – 2"، في حين أن صدام حسين كان أمر بتصنيع 8 طائرات من هذين الطرازين، إلا أن البلاد في ذلك الوقت كانت تعاني من أوضاع اقتصادية سيئة للغاية، ولم يكن بإمكانها شراء طائرات نقل ثقيل إضافية من طراز "إليوشن – 76 إم دي"، أساس طائرات الإنذار المبكر في نسختها العراقية.
واحدة من طائرات الإنذار المبكر العراقية دمرت في غارة جوية لقوات التحالف أثناء عمليات "عاصفة الصحراء" على قاعدة التقدم الجوية في وسط العراق في 23 يناير عام 1991.
طائرتا "أواكس" عراقيتان من طراز "عدنان – 2" أرسلتا خلال حرب تحرير الكويت في عام 1991 إلى إيران لحمايتها من الغارات العنيفة، مع أكثر من 130 طائرة حديثة أخرى، وهو ما يعادل ثلث القوة الجوية العراقية.
الطائرات الحربية العراقية التي أرسلت إلى إيران في ذلك الوقت لم تعد بعد انتهاء الحرب، وأعلنت طهران أنها بمثابة تعويضات عن الحرب الطويلة السابقة بين البلدين.
منذ منتصف التسعينيات، أدمجت الطائرات الحربية العراقية بما في ذلك طائرتا الإنذار المبكر في سلاح الجو الإيراني، وأعطيت أرقام جديدة وطليت بالألوان الرسمية الإيرانية.
خبراء عسكريون يزعمون أن المتخصصين الإيرانيين لم يتمكنوا لفترة طويلة من فهم طريقة عمل الأجهزة المعقدة التي زودت بها طائرتا الإنذار المبكر العراقية، ولذلك ظلتا على الأرض لفترة طويلة في وضع خمول.
وفيما لا يعرف بدقة مصير طائرتي "عدنان – 2" إلا أن تقريرا يذكر أن طائرة "أواكس" واحدة من هذا الطراز كانت عاملة في إيران، تحطمت في عام 2009. قيل إن هذه الطائرة اصطدمت وهي في الجو بطائرة مقاتلة أثناء استعدادات وتمرينات على استعرض جوي، ما تسبب في مقتل 7 أشخاص.
التصنيع العسكرى وغزو الفضاء
نفذ العراق في 5 ديسمبر تجربة على صاروخ يتكون من ثلاثة مراحل من "قاعدة الأنبار الفضائية" في خطوة تمهيدية لإرسال قمر صناعي إلى المدار.
العراق في تلك الحقبة من حكم صدام حسين، كان في حركة دائبة ونشاط كبيرين. وكانت بغداد منطلقة بطموح كبير تتطلع إلى المستقبل وإلى عناصر القوة، وكانت الأحاديث تكثر من الداخل ومن الخارج عن مشاريع محتملة "نووية وصاروخية وفضائية".
تقارير تقول أن العراق أسس برنامجا فضائيا منذ أواخر عام 1980، وأنه شيد في عام 1989 "قاعدة الأنبار الفضائية" لتكون موقعا لإطلاق الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية إلى الفضاء، وأنه نجح في إطلاق صاروخ "العابد"، وهو صاروخ عراقي متطور عن سكود السوفيتي ويتميز بمدى يصل إلى 2000 كيلو متر على ثلاث مراحل.
صاروخ العابد يزن 48 طنا ويصل ارتفاعه إلى 17 مترا، وكان يفترض أن يكون قادرا على إيصال أقمار صناعية تصل أوزانها إلى 300 كيلو غرام إلى المدار.
صاروخ العابد العراقي كان أطلق من منصة ثابتة من قاعدة الأنبار الفضائية التي تبعد 230 كيلو مترا جنوب غرب بغداد، وعلى الرغم من أن هذا الصاروخ مصمم ليطير على ثلاث مراحل، إلا أن المرحليتين الثانية والثالثة في تلك التجربة كانتا عبارة عن نموذجين فولاذيين.معلومات تحدثت في ذلك الوقت عن أن بغداد سعدت في البداية للتعاون مع عدة دول في مجال بناء الصواريخ وإطلاق أقمار صناعية، لكنها اعتمدت بعد ذلك على مشروع خاص بخبرات عراقية وعربية وببعض المتخصصين الأجانب الشهيرين وعلى رأسهم المهندس الكندي جيرالد بول الي يرجح أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد هو من كان وراء اغتياله في بروكسل عام 1990.
بعض التقارير تنسب الفضل في إنجاز صاروخ "العابد" العراقي إلى هذا المهندس الكندي الذي كان يعمل أيضا على مشروع "المدفع العملاق". ويزعم أن جيرالد بول، قام بصنع هذا الصاروخ العراقي الفضائي من خلال دمج 5 صواريخ سكود سوفيتية!
بعد الإطلاق الصاروخي الفضائي التجريبي في ديسمبر عام 1989، قرر العراقيون مواصلة اختبار المرحلتين الثانية والثالثة من صاروخ العابد، وكان من المخطط أن تجرى اختبارات في خريف عام 1990.
الاستخبارات المركزية الأمريكية استنتجت أن التجربة الصاروخية العراقية في ذلك الوقت لم تكن نموذجا أوليا لصاروخ باليستي، بل كان صاروخا كبيرا أطلق من منصة ثابتة، مشيرة في تقرير سري في عام 1990 إلى أن العراق حاول بالفعل بناء مركبة إطلاق فضائية، إلا أنه واجه الكثير من المشاكل الفنية في مراحل الإطلاق وفي التوجيه.
الأمور انقلبت رأسا على عقب، تحرير العراق للكويت في أغسطس 1990، فتوقفت جميع الأنشطة العراقية المتعلقة بالبرنامج الفضائي، في حين قام الأمريكيون خلال عملية عاصفة الصحراء بتدمير "قاعدة الأنبار الفضائية"، ولاحقا وضعت بقايا تلك القاعدة تحت إشراف الأمم المتحدة بقرارات من مجلس الامن، وحرمت بغداد لاحقا من أي صاروخ في ترسانتها يزيد مداه عن 150 كيلو مترا، وهكذا توقف "عصر" الفضاء العراقي.
المصدر: RT



