نواكشوط(وكالة السواحل للأنباء): في الطابق الأرضي لإحدى المدارس الحكومية غرب العاصمة عمان يقف مأمون منصور (49 عاما) في طابور لأولياء الأمور حاملا الأوراق الخاصة بنقل أبنائه الثلاثة من مدرستهم الخاصة بعد ارتفاع مصروفاتها بنحو عشرة بالمئة.
يقول منصور وهو رب أسرة مكونة من ستة أفراد، وهو يتصبب عرقا لعدم وجود مكيف هواء داخل الفصل الذي خصصته المدرسة لاستقبال طلبات النقل، "رغم أني خائف جدا على مستواهم التعليمي وحالتهم النفسية بعيدا عن أصدقائهم إلا أن الحل الوحيد أمامي هو نقلهم لمدارس حكومية موجودة في الحي الذي نسكنه، فلم أعد قادرا على دفع أقساط المدارس الخاصة".
ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة والمغالاة بمتطلبات المدارس الخاصة من جهة أخرى هي الأسباب التي دفعت منصور إلى نقل أبنائه بحسب قوله، مؤكدا أنه "ليس فقط الأقساط التي ارتفعت وإنما أسعار الكتب والقرطاسية والزي الموحد وبدل النقل وأشياء أخرى جانبية كنشاطات تطلبها المعلمة كل أسبوع تقريبا".
ويبين منصور الموظف في شركة خاصة في مجال الأسمدة الكيماوية، أنه يوشك على التقاعد من عمله والتعليم الخاص لم يعد من الأولويات التي يستطيع تلبيتها لجميع أبنائه، مكتفيا بتأسيسهم على تعليم خاص ليكملوا باقي السنوات يتلقون تعليما حكوميا.
وتتوقع الحكومة أن يبلغ معدل التضخم في الأردن خلال العام الحالي 3.8 بالمئة مقارنة مع 2.5 بالمئة في العام السابق.
ويتراوح متوسط رسوم المدارس الخاصة في الأردن بين 2700 دولار وسبعة آلاف دولار في الفصل الدراسي الواحد بحسب المرحلة التعليمية والمدرسة، مقارنة مع رسوم رمزية في المدارس الحكومية.
من جانبها تقول إيمان مظهر (36 عاما)، إنه بعد تسريحها من العمل خلال جائحة كورونا لم تعد قادرة على مساعدة زوجها في دفع أقساط مصروفات طفليها في المدرسة الخاصة.
وتقول إيمان إن راتب زوجها لوحده لا يكفي لتعليم ابنها وابنتها في مدرسة خاصة مما اضطرهما لنقلهما لمدرسة حكومية سمعا أنها جيدة رغم بعدها عن المنزل.
وتضيف أنه "رغم جودة التعليم الخاص التي تعد أعلى مقارنة مع الحكومي بالإضافة إلى البيئة الآمنة نوعا ما المحيطة بالطفل فالخيار الوحيد أمامنا كان نقل الطفلين على أمل أن أعود للعمل براتب جيد لإعادتهما إلى مدرستهما".
أحد ركائز الديمقراطية يتزعزع، فمن يحمي حرية التعبير؟ هنا نظرة عامة حول الموضوع.
وتشير إلى أن تكاليف المعيشة في الأردن ووجود أولويات أخرى تتمثل بقسط المنزل ووقود السيارة وطعام وملابس الأسرة دفعتها هي وزوجها لإعادة التفكير في الاستمرار بالتعليم الخاص.
* ضغط على المدارس الحكومية
قال أحمد المساعفة، المتحدث الإعلامي في وزارة التربية والتعليم، لرويترز إنه خلال جائحة كورونا انتقل 230 ألف طالب وطالبة من التعليم الخاص إلى المدارس الحكومية مقارنة مع متوسط 25 ألف طالب تقريبا سنويا في السابق الأمر الذي تطلب وضع قوائم انتظار.
ويبين المساعفة أنه رغم أن هذا يشكل ضغطا على بعض المدارس نظرا لعدم وجود طاقة استيعابية "فالمدارس الحكومية لا تغلق الباب أمام أي طالب يرغب بالتسجيل فيها".
ويوضح أن لدى وزارة التربية والتعليم 4062 مدرسة حكومية في جميع محافظات المملكة يستوعب الفصل الواحد فيها ما بين 20 إلى 50 طالبا وطالبة وفقا لمساحته.
ويشير المساعفة إلى الاكتظاظ وضغط الأعداد في بعض المدارس وخاصة في بعض المحافظات، مضيفا أن الحل هو استئجار مبان قديمة وتحويلها لمدارس أو تشييد مبان جديدة أو اللجوء إلى نظام الفترتين الصباحية والمسائية.
ويبين أن الوزارة تحاول تعويض النقص في أعداد المعلمين والمعلمات عن طريق التعليم الإضافي، مشيرا إلى أن عدد المعلمين في المملكة يصل إلى 116 ألف معلم ومعلمة.
من جانبه يؤكد قاسم الحموري، أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، أنه خلال السنوات الأربع الأخيرة باتت عملية انتقال الطلاب من المدارس الخاصة إلى الحكومية واضحة جدا.
ويقول إن "وضع الأسرة الأردنية في تدهور من حيث القدرة الشرائية وأصبحت الأسر تنزلق من الطبقة المتوسطة إلى الفقيرة".
ويشير الحموري إلى أن التحول الذي تشهده الأسر سواء من حيث مستوى التعليم أو العلاج دليل على ارتفاع تكاليف المعيشة في المملكة مع تراجع نسب النمو الاقتصادي.
ويؤكد منذر الصوراني نقيب أصحاب المدارس الخاصة لرويترز أن العرض والطلب هو الذي يتحكم بأسعار أقساط المدارس الخاصة وأن المنافسة بين نحو 3400 مدرسة خاصة شديدة لاستقطاب الطلاب.
ويرى الصوراني أن الأوضاع المالية للأسر هي التي تغيرت وأجبرت أولياء الأمور على ترك التعليم الخاص والتوجه للتعليم الحكومي.
رويترز