
وكالة السواحل للأنباء(نواكشوط): يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه"إذا ضربك الكلُ من الخلف، فاعلم أنك في المقدمة" ، فحسب باروخ أسبينوزا "أن هناك جزء من العقل البشري يظل خالداً" هناك جزء خالد من التراث الفكري والنضالي للفقيد، نضالِ ضد ظلم الأنظمة المتعاقبة إلى السجن والتعذيب محاولة منهم لإسكاتِ من-لم يخلق للسكوت-، فحرب الساسة والنقابيون والأرستقرطيون والأئمة والفقهاء والتجار في الصحف والمجلات والندوات وعلى المنابر من شيطنة وحقد دفين، حاربه بالحق ونصرة المظلومين وخدمة بلده والتمسكِ بالمبادئ في زمن تخلى الأغلبية عنها في سبيل الخضوع للأنظمة المتعاقبة ..
وعلى مر مساره النضالي ،رحمه الله، ظل الفقيد مشغولاً مهموماً بقضايا أمته ووطنه ، ملامساً لوضهم حالما وساعياً بتحقيقها ،ومع أن الراحل كان من أوائل الموريتانيين الذين درسوا في الخارج، وفي ارقى الجامعات الفرنسية، لم يتخلى الراحل عن ميوله القومية على أسس تناسب مجتمعه الذي كان يعتبره مفخرة له، ويتغنى بعلم وورع وشجاعة أهل موريتانيا وطنه الأم، لم تكن موريتانيا وطنه الوحيد بل كان أخاً وقائداً لكل عربي شريف ، فذاع صيته في كل الأقطار العربية ..
ولا غروا، فالأمر ليس غريبا على منبع الراحل الذي تربى في بيت نضال وعلم مع والده باب ولد ابريد الليل، حيث كان والده رحمه الله رجلا عربيا أصيلا محافظاً، يقدر عادات المجتمع، ويحترم الأخلاق العربية الأصيلة، وعليها ربى أولاده بشكل صارم.
رحل محمد يحظيه المُربي الأب النصوح الذي ملأ الأرض علماً وفضلاً ، فمسيرته الناصعة خير دليل ، كان من أحلام الصغر أن أفوز بدقيقة منه ..
فماذا عسى يقول قلمُ مرتجفُ لم يترک الحزن له إرادة الكتابة والبكاء على قامة نذرت حياتها للدفاع عن المستضعفين المستعبدين ، فكان قدوة لكل عقل فيه مثقال ذرة من الوطنية والقومية الحالمين ببزوغ نجم وطن حُر ، فليت كلنا مثل محمد يحظيه ، بعقله الخالد الذي تعلق بأستار ذاكرتنا الجمعية، عقل خُلق ليناضل فلا الطرق العنقاء ولا المخاطرة في سبيل الحقوق عاقت أمام إرادة الفقيد الذي قطع بموريتانيا أشواطاً كبيرة في سبيل التقدم والازدهار ونبذ الظلم والتفرقة من أجل وطن جامعِ أمن مزدهر.
رحمه الله وأدخله فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون!
عبد الله انداري