يبدو ان طبول اشداق الانتهازيين سكتت وجفت اقلامهم بعد شيخوخة الموضوع(ح1)/محمد الامين لحبيب
سبت, 17/09/2022 - 15:07
يعانى الموريتانيون من أقصى شرق البلاد إلى غربها، من الفقر المدقع والشعور بالغبن ومرارة الظلم الرسمى لهم , وفى كافة مناحي الحياة. إن هذا المرض المتجذر هو أخطر مشكلة يعيشها القطر الموريتاني وتمنعه من التطور والنهوض واللحاق بالدول .
ان هيمنة التهميش على مختلف أوجه الحياة المعاصرة, وتبذير المال العام قد حرمت شعبنا الموريتانى من التقدم والتنمية و الطاقة الحركية التي تدفعه لبناء ذاته وهي طاقة الحرية المسؤولة والقدرة الإبداعية على الابتكار الصحيح والتفكير العلمي الممنهج والتعبير السليم. فالظلم والغبن والتسلط بمختلف ألوانه وأشكاله هو شيء أعمى يسير عكس حركة التاريخ والحضارة والحياة الإنسانية الطبيعية.. لأنه يقف على طرف نقيض من حرية الإنسان ومن قدرته على تحقيق الاختيار ذاته، بل إنه يشل طاقة التفكير واستخدام العقل والفطرة الصافية عند الإنسان، ويرهن سعيه للمجهول، ويجعله أسيرا بيد الجهل والتخلف..
وهنا تقع الكارثة الكبرى عندما يفقد هذا الإنسان حريته لأنه يفقد معها كل شيء جميل في الحياة، إنه يفقد العزة والكرامة والأخلاق والعلم، وبالتالي يكون مصيره الضياع المحتم كما هو واقع للموريتانيين ومنذ امد بعيد مما جعلهم يعيشون على هامش الحياة والوجود.
وان اسوء شيئ يفقد الانسان هذه القيم هو الجوع والفقر والمرض, والشعور بالدونية , وهذا لمن شاء او رفض هو واقع الشعب الموريتانى.
جميل جدا ان يقف رئيس الشعب الموريتانى بين افراد افقر طبقة اجتماعية فيه(المزارعون التقليديون) معلنا دعم السلطة الرسمية لها وتقديم نسبة لا تمثل المرجو ,- ولكن ان تأتى افضل من ان لا تأتى -, ويعلن عن جاهزية الدولة لتوفير الاكتفاء الذاتى من المواد الغذائية, من خلال دعم جميع اشكال الزراعة ( بعلية ومروية) ولجميع الفئات(تجارا ومواطنون عاديون), ويقدم لهم الاليات التى ستمكنهم من الوصول الى الهدف باقل تكلفة ’ وكان يمكن ذلك ب:400 مليار التى اعلن عنها. ولكن من العيب ان يغالط السؤولون رئيس الجمهورية , ويجعلونه يخاطب شعبه بشئ وتكون النتيجة نقيضا لما قاله رئيس الجمهورية لشعبه. امام سكان الحوض الغربي , بل موريتانيا كلها , ومزارعوها خاصة قدمت اليات لفلح الارض بانها مقدمة للمزارعين , وبعد نهاية خطاب الرئيس وتوليه متجها الى مقر الضيافة , اعطيت الاوامر لسائقى الاليات بان تعود الاليات الى من حيث جاءت. ويذكرنى هذا بقصة اتحادية المخابر فى تسعينيات القرن الماضى عندما قامت ثورة ضد رفع سعر الخبر فى نواكشوط, واستدعى الرئيس معاوية رئيس الاتحادية , فامر الاخيرعلى الفور بتجهيز خبز اكبر من الخبز الذي يباع عشر مرات , ودخل الرجل على الرئيس معاوية ووضع الخبز امامه وعندما سأله عن" لماذا ترفعون سعر الخبز" اشار الى الخبز الموضوع امامه وقال له" هذا الشكل من الخبز هو الذى نبيعه الان وب:40 اوقية ", فاحتار الرئيس وتساءل :" كيف يثور هؤلاء على بقرة باربيعين اوقية؟" وهذه هى حال رئيس يقود هذا البلد وتحيط به النسور من كل فج عميق ولا يمسكن العصا من النصف , ويصدق ما تقوله النسور, وهو الامر نفسه الذي جعل اغلب ان لم نقل كل الانظمة الموريتانية تأتى وتروح دون ترك اثر ايجابي على الارض لهذا الوطن الجريح الا من رحم ربي. كما عجزت هذه الانظمة عن وضع خطط عملية لمواجهة التحديات الجسام وبناء الانسان رغم ثرواتنا وإمكانياتنا الضخمة. ولا يبدو حتى الآن أن من الأولويات العمل على تنفيذ إصلاحات جذرية أو تحقيق تنمية اقتصادية وثقافية و سياسية واجتماعية حقيقية والعمل على تحسين مستوى معيشة هذا الشعب قليل العدد أو فتح المجال أمامه لمزيد من حرية التعبير والرأي حتى.. ولكن على العكس تماما من ذلك نرى السير على نفس النهج السائد منذ ستينيات القرن الماضى البطانة السيئة المتوارثة نفسها بشحمها ولحمها وشخوصها وتمجيد الحاكم وتجريم نقده وقرع طبول النفاق والتزلف والخداع عالية .
لست من الذين يقبلون باحجية عملية التهدئة ورشوة المعارضة بالمناصب والمال والقطع الارضية ورخص الصيد ’ لسبب بسيط وهو: ان معارضة وطنية ونزيهة لا يمكنها ان تستظل بظل القصر او تنشد الشعر وتمجد الحاكم حتى ولو كان عمر ابن الخطاب اوعمر ابن عبد العزيز , كما ان من يريد الحكم بدون معارضة قوية وصاخبة لن يستطيع البناء ولا تجاوز العتبة وسترتد عليه الدفة بشكل اعنف لو انه تركها قوية وصاخبة وبعيدة منه .
ويعتبر قبول" المعارضة" الموريتانية - التى بدأت تتملص الواحد تلو الاخر وتصدر بيانات بفساد النظام- بما وقع خيانة وبيعة رخيصة لشارعها , ولمصلحة الوطن كله وعندما تحصد نتيجة اعمالها وبيعتها تلك فى الانتخابات القادمة ستتذكر انها هى الخاسرة والوطن معها,خاسر, ان وجود اغلبية حاكمة ومعارضة وطنية قوية هو السبيل الافضل للوطن والمواطن ولترسيخ الديمقراية , لان وجودها كذلك سيدفع الحاكم الى العمل بكل ما اوتي من قوة كما سيدفع المعارضة الى نقد مواطن الخلل فى عمل الحاكم وتقييم انجازاته وفى النهاية الكل يريد كسب الشعب من خلال ما يقدم , المعارضة من خلال متابعتها لانجاز النظام ونقد مواطن الخلل فى تسييره والنظام من خلال العمل والانجازات الجادة والحقيقية والمفيدة التى يقدمها للشعب على الارض.وفى حالة غياب الثانئية فان النتيجة تصبح تجبر وفردية القطب الواحد ولنا فى انفراد امريكا بقيادة العالم بعد سقوط السوفيات 1990 اسوة سيئة .
دعونا ننصف" المعارضة" لحظة , ونقبل معها ان ارتماءها فى احضان النظام القائم له ما يبرره لأن سلفه كان لغزا ورحل سفراء المعارضة من القصر ودفع بهم جميعا الى الشارع . ولكن دعونا نضع النقاط على الحروف ايضا حتى نستجلي الحقيقة والافضل لو ان المعارضة بقي سفراؤها فى القصر ودخلت معهم هى الاخرى الى القصر كما وقع منذ 2008م, فماذا كانت ستجنى المعارضة غير الذى جنته الان؟ وهل سنقول حقا اننا ديمقراطيون ونمارس التعددية الديمقراطية ونريد الخير للبلاد والشعب لهذا اختلفت الواننا كمعارضة مع المولاة, واصبحنا نتسابق فى قرض القصائد ونثر الشكر والتمجيد , وننافسها فى اعطيات الحاكم وهداياه , ولم نبقى لنا من عناوين المعارضة الا مؤسسة "المعارضة" ؟ يتبع