
في مشهد يعكس مجدداً سياسة القوة والعنف التي تنتهجها إسرائيل ضد أي محاولة لكسر حصار غزة المستمر منذ أكثر من 18 عاماً، أعلن أسطول الصمود العالمي أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعترضت عشرات السفن المدنية في المياه الدولية، واعتقلت أكثر من 443 متطوعاً من 47 دولة، قبل أن تسوق السفن إلى ميناء أسدود.
هجوم في عرض البحر
الأسطول الذي يضم متضامنين من مختلف القارات، أكد أن المشاركين تعرضوا لهجوم مباشر باستخدام مدافع المياه ورشّهم بمياه عادمة، فضلاً عن التشويش على الاتصالات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ومحاولة لإخماد أي صوت يطالب برفع الحصار المفروض على أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.
ووصف البيان الصادر عن قيادة الأسطول ما جرى بأنه “جريمة حرب وانتهاك فاضح للقوانين البحرية والاتفاقيات الدولية”، مؤكداً أن السفن كانت في مهمة سلمية لنقل الإغاثة وتوثيق الحصار، لكن الاحتلال تعامل معها بقرصنة عسكرية، في سابقة جديدة تكشف استهتار إسرائيل بالمجتمع الدولي ومؤسساته.
أصوات لم تُخمد بعد
ورغم الاعتداء، أكد مراسل الجزيرة أن ثلاث سفن لا تزال تواصل طريقها نحو غزة، من بينها سفينة مارينيت التي تبعد نحو 45 ميلاً بحرياً عن شواطئ القطاع، إلى جانب سفينتين تقلان خبراء في القانون الدولي وجمع الأدلة، ما يعكس إصرار الأسطول على المضي قدماً في مهمته الإنسانية والتوثيقية.
العالم أمام مسؤولية تاريخية
الحادثة وضعت المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني جديد، إذ لم يعد الاكتفاء ببيانات الإدانة كافياً أمام مشاهد “اختطاف” مئات النشطاء المدنيين. والمطلوب اليوم:
• تحرك عاجل لمجلس الأمن والأمم المتحدة لإدانة الاعتداء ومحاسبة إسرائيل على خرقها المتكرر للقوانين الدولية.
• تدخل فوري لضمان سلامة المتطوعين والإفراج عنهم دون شروط.
• دعم الجهود الدولية لكسر الحصار عبر تشكيل تحالف إنساني دائم يحمي قوافل الإغاثة.
• تحريك القضاء الدولي لفتح تحقيق رسمي في الانتهاكات بوصفها جرائم حرب.
انتهاك لإنسانية العالم
ما حدث مع أسطول الصمود ليس حادثاً عابراً، بل هو تحدٍ للضمير الإنساني العالمي. فإسرائيل لم تكتف بحصار غزة الخانق، بل مدّت يدها لمنع حتى المبادرات الإنسانية السلمية، ومحاولة إسكات أصوات المتطوعين من مختلف القارات.
إن ترك هؤلاء النشطاء رهائن بيد الاحتلال سيشكل سابقة خطيرة تشجع إسرائيل على تكرار الانتهاكات ضد المدنيين والمتضامنين حول العالم.
خاتمة
ما جرى مع أسطول الصمود ليس مجرد حادث بحري عابر، بل هو انتهاك لإنسانية العالم بأسره. فإسرائيل لم تكتف بحصار غزة الخانق منذ أكثر من 18 عاماً، بل امتدت يدها لتمنع حتى التضامن الإنساني السلمي وتكميم أصوات المتطوعين من مختلف الجنسيات. إن ترك هؤلاء النشطاء رهائن بيد الاحتلال سيشكل سابقة خطيرة تشجع إسرائيل على تكرار الانتهاكات، ليس فقط ضد الفلسطينيين، بل ضد كل المبادرات المدنية العالمية.
إن هذا الاعتداء يمتحن صدقية المجتمع الدولي: فإما أن يتحرك فعلياً لحماية القيم التي طالما رفع شعارها من حرية وكرامة وعدالة، أو يترك المجال مفتوحاً أمام منطق القوة والهيمنة ليطغى على القانون والإنسانية معاً،وفي الحالتين، سيسجل التاريخ الموقف بوضوح، وسيذكر من صمت ومن تحرك.
تماد إسلم أيديه