
يشهد السودان منذ عقود انتهاكات ضد الأطفال المرتبطة بالنزاع، لكن الوضع اتجه نحو مزيد من التدهور والتعقيد مع اندلاع النزاع المسلح بين القوات السودانية و"الدعم السريع" في أبريل 2023.
بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع أعمال العنف في السودان ومع استمرار تفاقم الأزمة التي تلت ذلك، أصبحت حياة جيل من الأطفال السودانيين وتعليمهم ومستقبلهم على المحك حيث خلقت الحرب الضارية ظروفا مشؤومة لخسارة مأساوية في أرواح الأطفال.
وفي السياق، سلطت تقارير إعلامية الضوء مجددا على ملف تجنيد الأطفال في الحرب، والتي طفت على السطح عقب قرار أصدره وزير التعليم والتربية الوطنية التهامي الزين ونشرته "وكالة الأنباء السودانية" الرسمية، ويقضي بموجبه الوزير إعفاء أبناء شهداء "معركة الكرامة" والطلاب المشاركين في المعركة من الرسوم الدراسية في كافة المراحل الدراسية بالتعليم العام.
وتزامنت تصريحات الوزير السوداني مع جدل كبير أثارته صورة لمصاب من المعارك الأخيرة في كردفان غربي السودان.
وقالت صحيفة "الراكوبة" السودانية إن ملامحه تدل على أنه مراهق أقل من 18 عاما، مشيرة إلى أنه ضمن الكتائب المتحالفة مع الجيش.
هذا، وأثار قرار وزير التربية والتعليم في السودان التهامي الزين حجر، موجة انتقادات حادة من "لجنة المعلمين السودانيين" التي اعتبرت القرار انتهاكا صارخا لحقوق الطفل وتناقضا مع الالتزامات القانونية والدولية التي تعهدت بها الدولة السودانية.
وفي بيانها، وصفت اللجنة تصريحات الوزير بأنها سابقة خطيرة تمثل إقرارا ضمنيا بمشاركة الأطفال في النزاع المسلح، مشيرة إلى أن هذا التوجه يشكل مخالفة مباشرة للمادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل التي تحظر تجنيد القصر أو إشراكهم في الأعمال القتالية تحت أي ظرف.
كما اعتبرت اللجنة أن القرار يمثل اعترافا رسميا بفرض الرسوم الدراسية في التعليم العام، وهو ما يتعارض مع مبدأ مجانية التعليم الأساسي المنصوص عليه في المواثيق الدولية، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأفادت اللجنة بأنها تعتبر هذا القرار إدانة صريحة للوزير ومن ورائه رئيس مجلس الوزراء، ويجب أن تتم مساءلتهما أمام الرأي العام وأمام جهات العدالة المختصة.
وتابعت قائلة: "لقد شاهدنا جميعا الفيديو الذي ظهر فيه أحد أولياء الأمور بولاية الشمالية وهو يشتكي للوزير من الرسوم المفروضة على أبنائهم، إن هذه الشكوى ليست صوتا فرديا بل هي لسان حال جميع أولياء الأمور في السودان الذين يواجهون أعباء الحرب والغلاء وانعدام مقومات الحياة ومن المخجل أن يترك المواطن البسيط يواجه وزيرا في ولاية، بينما المسؤولية السياسية والأخلاقية تقع على رئيس مجلس الوزراء وحكومته".