ماكرون يوجه رداً لاذعاً لنظيره الصهيوني

أربعاء, 27/08/2025 - 08:50

وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة لاذعة إلى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، بعد أسبوع من اتهامه ماكرون بدعم حركة "حماس".

رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - أرشيف - 

وفي الرسالة التي نشرت صحيفة "لوموند" تفاصيلها، قال ماكرون: "لقد تلقيت رسالتكم المؤرخة في 17 أغسطس والتي قررتم نشرها حتى قبل أن أتلقاها.. ولذلك، سينشر ردي أيضا على سبيل التوازي لتوضيح مناقشاتنا.. ولكن من جانبي أردت إبلاغكم بذلك وسأنتظر حتى تقرأوه، وهذا من باب المجاملة".

وأضاف الرئيس الفرنسي: "إن مكافحة معاداة السامية لا يمكن أن تكون موضوعا للاستغلال ولا يمكن أن تؤدي إلى تأجيج أي خلاف بين إسرائيل وفرنسا".

وتابع قائلا: "كأحد الإجراءات الأولى التي اتخذت بعد انتخابي، حرصت في خضم مأساة فيل ديف في 16 يوليو 2017 على تأييد تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست رسميا وقد تمنيتم أن تكونوا إلى جانبي في ذلك اليوم الذي يدين معاداة الصهيونية باعتبارها معاداة للسامية.. كانت هذه هي المرة الأولى التي يذهب فيها رئيس فرنسي إلى هذا الحد وأنا أفترض ذلك تماما".

وأردف بالقول: "لقد كانت حماية مواطنينا اليهود من تصاعد معاداة السامية منذ اليوم الأول أولوية مطلقة لأعمالي.. تقع هذه المسؤولية على عاتق فرنسا، وجميع الأجهزة الحكومية ملتزمة بها.. لا يمكن أن تخضع لأي تلاعب في وقت نواجه فيه استغلال صراع لا ينتمي إلى فرنسا ولكنه يثقل كاهل تماسكها الوطني وأمن مواطنينا".

وذكر في رسالته: "في حين أنني أصدرت في 31 يوليو القانون الذي اقترحه مجلس الشيوخ بشأن مكافحة معاداة السامية في التعليم العالي، وعقدنا مؤتمرا بشأن مكافحة معاداة السامية من فبرايرإلى أبريل، وخصننا 15 ألف ضابط شرطة لحماية أماكن التجمعات بعد 7 أكتوبر، وحشدنا ضباط الشرطة والمتطوعين من أجل سلامة الرياضيين والسياح الصهيونيين خلال الألعاب الأولمبية والبارالمبية في الصيف الماضي، فإن هذه الاتهامات بالتقاعس في مواجهة آفة نحاربها بكل قوتنا غير مقبولة وتسيء إلى فرنسا بأكملها".

وذكر ماكرون أن "التاريخ يعلّمنا أنه حيثما حاولت معاداة السامية أن تتجذر، ازدهرت معها جميع أشكال العنصرية والكراهية، ومن هذا المنطلق كانت الجمهورية الفرنسية عدوا لا يكل لمعاداة السامية منذ ثورة 1789، وبالتالي، لا يمكن لأحد إن كان صادق النية، أن يشك في أنني سأظل الضامن للحاجة الملحة لمكافحة هذه الآفة في كل مكان وزمان وسيكون من الخطأ تفسير أو حتى تبرير، معاداة السامية في فرنسا بالقرارات التي اتخذتها".

وشدد الرئيس الفرنسي على أن معاداة السامية تأتي من بعيد، وقد غذاها اليمين المتطرف منذ زمن طويل، ويغذيها اليوم أيضا اليسار المتطرف الذي يدعم كراهية الجالية اليهودية، مشيرا إلى أن كل معاداة للسامية هي خيانة للجمهورية وعالميتها.

واستطرد إيمانويل ماكرون قائلا: "تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لا يبرئ إسرائيل من السياسات التي تنتهجها اليوم في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، لدينا خلافات جوهرية، ولكن وفاء للصداقة التي تربط فرنسا بشعب إسرائيل، أصررت على الحفاظ على أوثق حوار معكم، حوار قائم على التزامنا الراسخ بحق إسرائيل في الوجود والأمن".

وأكد في رسالته أن تصميم فرنسا على أن يكون للشعب الفلسطيني دولة، ينبع من قناعتنا الراسخة بأن السلام الدائم ضروري لأمن الكيان الصهيوني ولتكاملها الإقليمي الكامل في شرق أوسط ينعم بالسلام، ولعملية التطبيع التي ندعمها والتي يجب استكمالها في أسرع وقت ممكن.

وأوضح أن هذا السلام الدائم سيتضمن إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، يعترف الكيان الصهيوني وحقه في الأمن، منزوعة السلاح، تعيش بسلام إلى جانبكم.

وبين أن هذا الاقتناع المزدوج لا يعكس بأي حال من الأحوال أي تهاون يسمح لحماس أو غيرها من الجماعات الإرهابية باستغلال مثل هذه الدولة لتهديد إسرائيل في المستقبل.

وشدد في السياق على أنه يجب أن تكون الدولة الفلسطينية نهاية حماس، ونحن مقتنعون بعد قرابة عامين من العمليات الإسرائيلية في غزة، بأن هذه هي الطريقة الوحيدة اليوم للقضاء على حماس تماما ومنع الشباب الصهيوني من الانجرار وراء حرب دائمة ستكون مدمرة للفلسطينيين في غزة، بل وللكيان الصهيوني والمنطقة بأسرها.

ولفت الرئيس ماكرون أنه ولتحقيق هذه الغاية، جمعت فرنسا والمملكة العربية السعودية في نيويورك يومي 28 و29 يوليو عددا كبيرا من الحكومات العربية والغربية وحكومات أخرى، أعربت عن استعدادها للانخراط في استراتيجية لليوم التالي، بما في ذلك تولي مسؤوليات أمنية انتقالية في قطاع غزة كجزء من مهمة تحقيق الاستقرار، ودعم ونزع سلاح الجماعات الإرهابية بدءا بحماس، والمساعدة في تجديد الحكم الفلسطيني القابل للحياة، المحرر من قبضة حماس، وإعادة بناء الأراضي المدمرة الآن، مبينا أن هذا الالتزام غير مسبوق.

وأفاد بأن هذا الالتزام ينبع من غضبهم الشديد إزاء الكارثة الإنسانية المروعة في غزة والتي لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال.

كما ينبع من قناعتهم بأن النزوح الجماعي لسكان غزة مدفوعا بالمجاعة والعنف بما يتجاوز الإهانة الأخلاقية التي يُمثلها، سيكون له آثار مباشرة ودائمة على الأمن الإقليمي والدولي، بما في ذلك أمن الكيان الصهيوني وأوروبا.

والأهم من ذلك وفق ماكرون، ينبع الالتزام من رغبة جماعية غير مسبوقة في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، حيث ساهم الكيان الصهيوني مساهمة كبيرة خلال العامين الماضيين في الحد من تهديد آخر وهي إيران.

ويضيف الرئيس الفرنسي: "إن هذه الرغبة في المساهمة في وضع ما بعد الحرب في غزة يرافقها عزم على المضي قدما على نفس المنوال مع بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحويلها إلى دولة مستقلة، منزوعة السلاح، ومصلحة تعيش بسلام إلى جانبكم.. دولة فلسطينية لا مكان فيها لكراهية الآخر، سواء في التعليم أو في السياسات الأخرى.. نحن مستعدون لتحمل المسؤولية الجماعية عن الالتزامات التي تعهدنا بها في نيويورك والتي تعهد بها الرئيس محمود عباس في رسالته بتاريخ 9 يونيو 2025".

وأشار إلى أن هذا المسار صعب، لكنه يمنح الكيان يدا قوية وجديدة على مستقبلها التطبيع الواسع النطاق في جميع أنحاء العالم الإسلامي ويضع حدا للصراع المستمر الذي أثر على الشعب الصهيوني قبل وبعد تأسيس الكيانالصهيوني، كما يضع حدا للتدهور الخطير في الصورة الأخلاقية للكيان ، والذي أصبح الذريعة والقوة الدافعة لمعاداة السامية الجديدة التي يجب أن نحاربها عالميا.

ويوضح ماكرون في رسالته أن هذا الالتزام غير مسبوق، ودعا نتنياهو إلى عدم رفضه على الفور باسم الصداقة مع شعب إسرائيل.

• إعادة احتلال غزة

كما تطرق ماكرون في رده إلى إعادة احتلال قطاع غزة، حيث قال في الصدد: "قررت حكومتكم بدء مرحلة جديدة من الهجوم تفضي إلى إعادة احتلال غزة.. إنني على قناعة وأشارك شركائي هذا الرأي، بأن مثل هذا الإجراء سيؤثر سلبا على حياة الشعب الإسرائيلي لعقود قادمة، وسيكلف جيرانكم الفلسطينيين ثمنا باهظا، وسيساهم في تفويت الفرصة التاريخية المتاحة لكم بصفتكم رئيس الوزراء الذي قاد مصير إسرائيل لأطول فترة في تاريخها وللشعب الإسرائيلي أيضا، للخروج من المعركة التي تخوضها إسرائيل حاليا بخسارة والفوز في معركة السلام.. فرصة تحويل المكاسب العسكرية التي حققتها إسرائيل على الساحة الإقليمية إلى نصر سياسي دائم، بما يخدم أمنها وازدهارها".

وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن الولايات المتحدة وقطر ومصر سعت جاهدة للتوصل إلى وقف إطلاق نار لإطلاق سراح جميع الرهائن، متحدثا عن فقدان فرنسا أكثر من 50 من أبنائها في السابع من أكتوبر وعدم نجاة ثلاثة رهائن فرنسيين.

 

المصدر: "لوموند"