عالم موريتانى يحرس مؤسسة وقليل من يعرف عنه(اعرف من هو)
ثلاثاء, 20/09/2022 - 08:39
وكالة السواحل للانباء(نواكشوط): إنه شخصية مغمورة لا يعرف قدرها وسرها إلا القلة من الناس ,وهو نفسه لا يحب أن يعرِفه أحد ,يكره الظهور ,ويرغب في الانزواء ,يفضل أن يُعرّفَ "بالگردايْ" على أن يُعرّف بالعالم أو بالفقيه. له حكاية أغرب من الخيال ,وأعجب من كل العجائب. إنه حارسٌ لإحدى المؤسسات الخصوصية بالعاصمة ,لكنه ليس ككل الحراس المعروفين لدى الناس ,لقد اختار مهنة الحراسة والرضى براتبها القليل على الوظائف المرموقة الاخرى التي يشغلها مَن هم أقل منه شأنا وعلما وفقها ودونه منزلة في علوم شتى. لما علمت بخبره أول مرة من أحد أقربائه ,تاقت نفسي للقائه والتعرف عليه عن قرب والسماع منه لا عنه ،فقمت بزيارة المؤسسة التي يعمل بها رفقة أحد الزملاء الذين يُشار اليهم بالبنان في العلم والمعرفة ويصلحون لمهمة الحوار والتفاعل مع شخصية كهذا الحارس "العالم" وقد تظاهرنا في بداية الأمر بأننا مجرد عملاء للمؤسسة لنتقرب منه أكثر ,ولنجد الفرصة لسبر أغوار علمه والسباحة في بحار فقهه وأدبه ,فوجدناه أكثر علما مما توهمنا ,فهو ـ رغم تواضعه وبساطته ـ بحر لا ساحل له ,إنه مُجازٌ في عدة قراءات ,عالمٌ بأصول الفقه وفروعه ,متبحر في اللغة والنحو ,نسابة من الطراز الاول ,خبير بالمغازي والسِّير ،محدث متقن ،له باع واسع في علم الرجال ,ملمٌّ بالمنطق والبيان ,متصوف حتى النخاع. فلما تأكدنا من ضآلتنا وجهلنا أمامه ,آثرْنا الانسحاب ,فالرجل لا يبارَز في ميادين العلم والفقه والادب ,وإن كان له مُبارز فبالطبع لسنا نحن ,ولا نعتقد أن أمثاله اليوم في بلادنا الا معدودون على رؤوس أصابع اليد الواحدة ,غير أنه يتميز عنهم بالزهد في الدنيا وحب الانزواء والتواري عن الانظار. ولاحظنا طيلة وجودنا معه أن الجميع حين يسأل عنه ,يسأل بصيغة : "الكَـردايْ هون؟" وكان يجيبهم ب "نعم" هونْ بعدْ!!
بقلم/ محمد محمود محمد الأمين
من قصص ومنشورات الجواهـــــــر