يعود الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز إلى بيته، بتوصية من الأطباء المشرفين على علاجه، استجابت لها العدالة الموريتانية، فألغت «الحبس الاحتياطي» وعادت لتفعيل «المراقبة القضائية» نظرا لوضعه الصحي.
منذ أن أصيب ولد عبد العزيز بوعكة صحية يوم الأربعاء 29 دجمبر الماضي، بدا واضحا أن للأطباء كلمتهم في واحد من أكثر الملفات تعقيدا في تاريخ القضاء الموريتاني، فانتدبت السلطات فريقًا طبيا للإشراف على حالته الصحية.
ضم الفريق البروفسير أحمد ولد أبَّ، المدير العام لمركز أمراض القلب وهو الطبيب الشخصي للرئيس السابق، كما ضم أيضًا كلا من الأخصائيين با محمد الأمين وحرمة ولد الزين.
قرر الفريق الطبي بالتشاور مع الرئيس السابق، إجراء «قسطرة تشخيصية» يوم السبت الماضي، تبعتها «قسطرة علاجية»، ثم وضعه تحت المراقبة الطبية في أحد أجنحة المركز الوطني لأمراض القلب، استمرت لقرابة أسبوع.
اليوم صدر قرار بأن يقضي ولد عبد العزيز «فترة نقاهة» في بيته بالعاصمة نواكشوط، تعد مرحلة هامة من علاج أي مصاب بمرض القلب، ولو أن الأطباء أكدوا أنه بدأ يتماثل للشفاء دون إعطاء أي تفاصيل عن طبيعة المرض الذي أصيب به.
وزارة العدل الموريتانية في بيان صحفي، اليوم الجمعة، قالت إن التقرير الختامي للأطباء تضمن توصية بأن الوضع الصحي للرئيس السابق يتطلب «نمط حياة هادئ ورتيب، خال من مسببات القلق والضغط النفسي، مع حمية غذائية خاصة».
وقال طبيب في تصريح لـ «صحراء ميديا» إن التوصية التي تقدم بها الأطباء في تقريرهم «كانت خالية من أي خلفيات أو تأثيرات خارجية، إنها تنطلق من الوضع الصحي للمريض، وتكشف أن الرئيس السابق مصاب بمرض مزمن في القلب».
وأضاف الطبيب الذي فضل حجب هويته لدواع مهنية، أن «نمط الحياة الذي طلب الأطباء لمريضهم، هو المعهود لأي مريض يعاني من مشاكل في القلب»، مؤكدا أن أمراض القلب حين تكون مزمنة تتطلب تغييرات جذرية في حياة المصابين بها، حتى يتمكنوا من التعايش معها.
الطبيب قال إن أمراض القلب والشرايين منتشرة في موريتانيا على نطاق واسع، من ضمنها ما هو وراثي وما ينتج عن نمط الغذاء وطبيعة العمل، والخضوع للتوتر والإرهاق على مدى سنوات.
أما وزارة العدل في بيانها فأعلنت أن «المعلومات التي تم جمعها، أثبتت تاريخا مرَضَيا يمت بصلة لحالته الحالية»، في إشارة إلى «مرض القلب» الذي أصيب به الرئيس السابق، دون أن تحدد هذا «التاريخ المرضي».
وتشير المصادر إلى أن «التقرير الطبي» الذي أعده الأطباء، وإن كان محل تعتيم شديد، إلا أنه يشمل «التاريخ المرضي» للرئيس السابق، سواء منه ما تعلق بعائلته لرصد العوامل الوراثية، أو ما تعلق بتاريخه المرضي الشخصي.
وتؤكد المصادر أن الرئيس السابق كان يتابع مع أخصائي لأمراض القلب، طلب التواصل معه حين أصيب بالوعكة الصحية الأخيرة، وبالتالي فإن التقرير الطبي كان لا بد أن يأخذ هذه المعطيات بعين الاعتبار.
المصادر تشير إلى أن ولد عبد العزيز، على غرار أغلب الضباط السامين في الجيش الموريتاني، يحيطون ملفاتهم الصحية بقدر كبير من السرية، ولكن إصابته برصاصة في البطن عام 2013 وخضوعه آنذاك للعديد من العمليات الجراحية، أحد العناصر المحورية في «التاريخ المرضي» له.
وزارة العدل منذ بداية الوعكة الصحية للرئيس السابق، أصدرت بيانين صحفيين، قالت في الأخير منهما إن جميع أجهزتها وهيئاتها ظلت في «حالة استنفار» منذ الوهلة الأولى، مشيرة إلى أنها «تتابع الحالة أولا بأول، وتشرف على حسن رعايته وعلاجه».
وأضافت أن الرئيس السابق «تحسنت حالته الصحية، بفضل الله، وبدأ يتماثل للشفاء»، وبالتالي تقرر أن يقضي فترة نقاهة في بيته بناء على توصية من الأطباء، مشيرة إلى أن رأي النيابة العامة «استجاب للمتطلبات التي أوصى بها الفريق الطبي حرصا على صحة وسلامة المتهم».
عائلة الرئيس السابق أكدت على لسان كريمته أسماء بنت عبد العزيز، أن صحة والدها تتحسن وبدأ يتماثل للشفاء، مؤكدة أنه «لا يشكو أي أعراض». وأضافت في بيان مقتضب أن الطبيب المشرف على علاجه البروفسور أحمد ولد ابّ الولاتي أكد أن «فحوصه مبشرة ووضعيته مستقرة».
وأمام هذه التطورات، أكدت وزارة العدل أن ملف ولد عبد العزيز يبقى «ملفا قضائيا محضا، ميدانه المحاكم، والقضاء وحده المختص به، ولا سلطان لأي جهة أخرى عليه».
إلا أن الملف الذي بدأ في البرلمان قبل عامين، يمر اليوم بمنعرج حقيقي، فالمتهم الرئيس في الملف أصبح «مريضًا» يحتاج معاملة خاصة بناء على توصية الأطباء، توصية بدا واضحا أن السلطات القضائية تأخذها بعين الاعتبار.