شاهدوا بجميع دور العرض الخريف المقبل: انهيار الاقتصاد ومشاحنات في الاتحاد الأوروبي

سبت, 25/06/2022 - 08:47

توقف عن العمل خط أنابيب الغاز "السيل التركي" للإصلاحات الدورية في الفترة من 21-28 يونيو، كما سيتم إغلاق "السيل الشمالي-1" بالكامل للإصلاحات الدورية من 11-21 يوليو المقبل.
في الوقت نفسه، أصبح "السيل الشمالي-1"، وبسبب رفض شركة "سيمنس" خدمة المضخات، جراء العقوبات الغربية ضد روسيا، يوفر فقط 67 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، بدلا من 167 مليونا.
هل سيكون لدى أوروبا ما يكفي من الغاز في مخازنها كي تعبر هذا الشتاء؟
بالتزامن، تم حظر خط أنابيب الغاز "يامال-أوروبا"، الذي يمر عبر بولندا، بسبب العقوبات التي فرضتها بولندا، ورد الفعل الروسي تجاهها.
كذلك فقد منعت أوكرانيا عبور الغاز عبر محطة توزيع الغاز "سوخرانوفكا" (التي تمثل ربع قدرة خط الأنابيب الأوكراني)، وبدورها لا ترفع شركة "غاز بروم" من الغاز الذي يمر عبر المحطة الأوكرانية المتبقية "سودجا"، والتي يمر عبرها في المتوسط 42 مليون متر مكعب يوميا، في الوقت الذي تحذر فيه "غاز بروم" من أن جميع محطات ضخ الغاز الأخرى في "السيل الشمال-1" و"السيل التركي" ستتوقف قريبا، نظرا لرفض شركة "سيمنس" الحفاظ على جدول الصيانة الدورية. وبالإضافة إلى المسار الأوكراني، الذي يمكن أن يكون مغلقا لأسباب عديدة، لن يتبق كفرصة محتملة لإمدادات الغاز سوى "السيل الشمالي-2"، المحظور من قبل أوروبا.
كذلك، وبالتزامن، فقد زاد الطلب على الغاز الطبيعي المسال في الصين بسبب الخروج من الحجر الصحي، في الوقت الذي تم فيه تقليل إمدادات الغاز الأمريكي إلى أوروبا بشكل كبير، بسبب انفجار حدث في أحد مصانع الإسالة الأمريكية الرئيسية "فريبورت" للغاز الطبيعي المسال. وسوف يستغرق تجديد المصنع عدة أشهر، بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد استنزفت احتياطياتها من الغاز في الربيع، لمساعدة أوروبا، وأصبح عليها الآن ضخ الغاز لفصل الشتاء في مخازنها بدلا من تصديره.
انخفض اليوم الجمعة، 24 يونيو، ضخ الغاز في منشآت التخزين الأوروبية إلى أدنى مستوياته في أسبوعين، وأعتقد أن سحب الغاز في المستقبل القريب قد أصبح محتملا، حيث يتزايد مع كل يوم يمر احتمال ألا تصبح أوروبا قادرة على ملء مخزون الغاز بالكميات المطلوبة.
الحد الأدنى والحتمي المطلق من التداعيات لما سبق ذكره:
1- الحفاظ على ارتفاع أسعار الطاقة، وربما مزيد من ارتفاع الأسعار.
2- يدفع ذلك نحو استمرار وحتى تسارع التضخم في أوروبا، وربما في جميع أنحاء العالم، حتى في حال تنفيذ جميع الخطط المعلنة من أكبر البنوك المركزية في الغرب، لرفع أسعار الفائدة، ووقف طباعة الأموال غير المغطاة.
3- ارتفاع حدة أزمة الموازنة في أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، حيث تعتمد شدة أزمة الموازنة بشكل أساسي على ما إذا كان البنك المركزي الأوروبي قد قرر إيقاف طباعة الأموال غير المغطاة واستخدامها في تمويل الحكومات الأوروبية. فإذا تقرر ذلك، فستضطر دول جنوب أوروبا، في غضون بضعة أشهر، إلى رفض سداد ديونها، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار النظام المصرفي للاتحاد الأوروبي، والفوضى في الاقتصاد العالمي. وإذا لم يحدث ذلك، فسوف يتسارع التضخم. ولكن البنك المركزي الأوروبي، فيما يبدو، قد حسم خياره، ما بين التخلف عن السداد والتضخم المفرط، لصالح الأخير، لأنه سيؤجل الانهيار لمدة عام آخر...
4- كنتيجة، وكأحد أسباب النقاط المذكورة أعلاه، لا بد من الإشارة إلى مزيد من الانخفاض لليورو مقابل الدولار، في حالة الحفاظ على سياسة مالية ناعمة، بينما سيؤدي انخفاض الدولار إلى زيادة أسعار الطاقة في أوروبا، بكل ما يصحب ذلك من تداعيات.
هل إطالة الحرب في أوكرانيا جيدة أم سيئة بالنسبة لروسيا؟
الفئة التالية من العواقب هي الحتمية، ولكن من الصعب التنبؤ بمداها وتوقيتاتها الدقيقة:
1- النتيجة الأكثر أهمية هي أزمة الديون في الاتحاد الأوروبي. فحتى في حالة رفع سعر الفائدة، وهو ممكن فقط بنسبة تتراوح ما بين 2-4%، فسيظل الربح من الاستثمار في السندات الأوروبية أقل من التضخم، لذلك يهرب رأس المال الخاص من قيود الحكومات والشركات الغربية: الأمريكية والأوروبية معا.
تفقد الحكومات الغربية قدرتها على تمويل إنفاقها، وقد أصبح عدد من الشركات الغربية على وشك الإفلاس.
لهذا لم يعد هناك خيار أمام الغرب، وبعد محاولته تشديد السياسة المالية هذا الصيف، وإسقاط البورصات بمقدار النصف، سيتعين عليهم استئناف طباعة الأموال غير المغطاة.
ويزداد الأمر تعقيدا في أوروبا بسبب حقيقة أن البلدان المفلسة من جنوب أوروبا مدينة بأموال للبنوك في شمال القارة، وقد تؤدي أزمة الديون إلى تفكك الاتحاد الأوروبي.
2- ستؤدي الأزمات السياسية الداخلية بسبب ارتفاع الأسعار إلى انتفاضات شعبية وانهيار للتحالفات الحاكمة واستقالة الحكومات، وتفاقم الحرب الأهلية الباردة في الولايات المتحدة الأمريكية، وحركة السترات الصفراء في أوروبا.
3- ستزداد حدة الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول تقاسم الغاز.
4- وكذلك حدة الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي حول درجة المشاركة في الحرب الأمريكية ضد روسيا (الحرب في أوكرانيا).
سيكون شتاء 2022-2023 شتاء باردا في أوروبا، إلا أنه سوف يكون شديد الحرارة على المستوى السياسي.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب