روسيا تحتفل بمرور 190 عاما على مولد أهم رموزها الموسيقية

خميس, 28/11/2019 - 21:11

تحتفل روسيا اليوم بمرور 190 عاما على مولد أحد أهم عازفي البيانو في تاريخ الدراسة الأكاديمية الموسيقية في البلاد، أنطون روبنشتاين، الذي ولد في مثل هذا اليوم من عام 1829.
كان روبنشتاين متعدد المواهب والأنشطة على نحو غير مسبوق، فقد كان عازفا للبيانو، وأستاذا للآلة ومؤلفا موسيقيا، علاوة على دوره المؤثر والجوهري في التنوير، وتأسيس الجمعية الموسيقية الروسية، وكذلك أول معهد أكاديمي للموسيقى في روسيا، وهو كونسيرفاتوار بطرسبورغ الذي تأسس عام 1862.
نشأ أنطون روبنشتاين في عائلة موسيقية، وكان الطفل الثالث في الأسرة، فتعلم العزف على آلة البيانو منذ الصغر على يد والدته في البداية، ثم درس على يد ألكسندر فيلوان، أحد أهم أساتذة آلة البيانو في ذلك العصر. وحينما أتم الحادية عشرة، بدأ أولى جولاته الفنية في أوروبا مع أستاذه، حيث زار في تلك الجولة الفنية الأولى عشرات البلدان الأوروبية. ولاقى عزفه في جميع تلك البلدان استحسانا ودهشة كبيرين لدى الجمهور، واستمع إليه في تلك البلدان أشهر المؤلفين الموسيقيين مثل فريدريك شوبان
وبعد انتهاء تلك الجولة، انتقل الطفل روبنشتاين بصحبة والدته وشقيقه للمعيشة في برلين، حيث بدأ الطفلان أنطون وشقيقه نيقولاي في الدراسة مع الأستاذ الكبير زيغفريد دين، الذي كان يدرس معه قبل ذلك ميخائيل غلينكا، المؤلف الموسيقي الروسي الأشهر.
وبعد عودته إلى روسيا، كان أنطون روبنشتاين كثيرا ما يعزف في بلاط القيصر الروسي، حيث كان نيقولاي الأول شديد الإعجاب بعزفه، بل وعرضت عليه الإمبراطورة العظمى يلينا بافلوفنا الحصول على رعايتها، التي تمكن بفضلها روبنشتاين عام 1859 من إنشاء الجمعية الموسيقية الروسية، وبعدها افتتاح كونسيرفاتوار بطرسبورغ، أول معهد أكاديمي لتدريس الموسيقى في روسيا، عام 1862.
لقد استحوذت فكرة التنوير الموسيقي على عقل وحياة أنطون روبنشتاين، ولكي يحقق أحلامه، قام هو شخصيا بإدارة الكونسيرفاتوار، ليصبح عميدا له، وأستاذا لآلة البيانو، والتوزيع الأوركسترالي، وقائدا للأوركسترا والكورال. فكان يدرس الطلبة (ومن بينهم آنذاك المؤلف الموسيقي الشاب، بيوتر تشايكوفسكي)، ويساعد آخرين في فك طلاسم النصوص الموسيقية المختلفة لأفضل المؤلفين الموسيقيين من أوروبا الغربية، ينسق ويقدم حفلاتهم ويتبرع بالكثير من الأموال للمحتاجين منهم. وقد تخرج من هذا الكونسيرفاتوار عام 1865 بيوتر تشايكوفسكي، ودرس به سيرغي رخمانينوف، وتخرج منه في القرن العشرين سيرغي بروكوفييف، ودميتري شوستاكوفيتش.
كان لدى روبنشتاين نفسه الكثير من الحفلات خارج البلاد، ففي السبعينيات من القرن التاسع عشر، ذهب في جولة فنية ناجحة في أمريكا الشمالية، وقدم بصحبة عازف الكمان البولندي الشهير، هينريك فينيافسكي، أكثر 200 حفلة في ظرف 8 أشهر فحسب. وكان الممول الرئيسي لتلك الجولة ويليام شتاينواي مؤسس الشركة الأشهر في العالم لصناعة آلات البيانو (شتاينواي آند صونز) Steinway & Sons، وبعودته لأرض الوطن، مكنته العوائد الضخمة لحفلاته من التركيز على التأليف الموسيقي، والأعمال الخيرية.
لقد ترك أنطون روبنشتاين وراءه إرثا موسيقيا هائلا، لكنه لم يلق الاهتمام أو التقدير اللائقين أثناء حياته، على الرغم من شهرته الواسعة كعازف للبيانو وأحد رواد التنوير في روسيا. اعتبر الكثير من معاصريه من المتخصصين أعماله متواضعة القيمة، وكان خلافه مع "الخمس الكبار" (خمسة مؤلفين موسيقيين روس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر: بالاكيريف، موسورغسكي، بورودين، ريمسكي كورساكوف، كيوي) لم يسمح بتحسن وضع روبنشتاين كمؤلف موسيقي بأي حال من الأحوال. وعلى الرغم من ذلك حظيت أوبرات "ديمون" و"نيرون" وسيمفونيته الثانية بشعبية كبيرة، وكثيرا ما عزفوا في قاعات الحفلات في ذلك العصر.
وحتى سن متأخر، لم يتوقف روبنشتاين عن العزف، وجعلته مجموعة الحفلات التي حملت عنوان "الحفلات التاريخية"، والتي جاب بها المدن الكبرى في أوروبا وأمريكا في الثمانينيات من القرن التاسع عشر أحد أشهر عازفي البيانو في العالم، ليصبح أول عازف بيانو روسي يحظى بشهرة عالمية أثناء حياته. وكانت "الحفلات التاريخية" التي يقدمها روبنشتاين يعزفها مرتين، مرة للجمهور، والمرة الثانية مجانا للطلبة وأساتذة الموسيقى. وظل عازف البيانو والمؤلف والأستاذ والتنويري أنطون روبنشتاين يمارس أدواره الموسيقية المختلفة حتى وفاته عام 1894.
المصدر: راديو أورفيي